إن تحديد الأهداف لجماعة إسلامية تريد تغيير الواقع المحيط بها أمر طبيعي، والثبات على تلك الأهداف ظاهرة صحية، وإذا أردنا أن نطبق تلك البديهيات على جماعتي الجهاد والقاعدة، فماذا نجد؟
نجد على العكس من ذلك تغييراً للأهداف بشكل كبير من وقت وآخر، فقد أشار منتصر الزيات في كتابه “الظواهري كما عرفته” إلى أن الدكتور أيمن الظواهري غيّر أهداف جماعته، فبعد أن كانت تستهدف العدو القريب، وهو تغيير النظام المصري، أصبحت تستهدف العدو البعيد وهو: أمريكا واسرائيل، ولم يقنع هذا التغيير عدداً من أتباعه، فانشقوا عنه وتركوه، ولم يدخلوا معه في تحالفه مع أسامة بن لادن في الجبهة العالمية لمقاتلة الأمريكان واليهود، وقد أشار إلى الواقعة نفسها هاني السباعي في حديثه الذي أجراه معه كميل الطويل قبل أيام في جريدة “الحياة” بمناسبة ذكرى أحداث 11 سبتمبر 2001م في واشنطن ونيويورك.
وقد أشار عدد من الدارسين إلى أن أسامة بن لادن كذلك غيّر أهداف القاعدة عدة مرة خلال الفترة الماضية، فقد استهدفت القاعدة اليمن الجنوبي في مطلع التسعينات عندما كان اليمن مجزأً إلى يمنين: شمالي وجنوبي، ثم انتقل أسامة بن لادن في فترة تالية إلى استهداف الأجانب في الجزيرة العربية، ثم انتقل إلى استهداف الأمريكان واليهود في كل العالم، من خلال الجبهة العالمية التي أشرنا إليها سابقاً، ثم انتقل إلى استهداف اسرائيل في فلسطين إلخ… ليس من شك بأن تغيير الأهداف في أي عمل جماعي ليس ظاهرة صحية، والسؤال الآن: ما السر في هذا التغيير والاضطراب في تحديد الأهداف عند هاتين الجماعتين؟
إن الاضطراب في تحديد الأهداف ناتج من عدم تحليل الواقع المحيط بالجماعتين تحليلاً علمياً دقيقاً، ومن عدم توصيفه توصيفاً شرعياً سليماً، لأن وجود مثل هذا التحليل العلمي والتوصيف الشرعي سيساعدان على تحديد أهداف العمل الإسلامي.
إن التحليل العلمي الدقيق للواقع هو الذي يبرز النواقص والمتطلبات التي يجب أن توضع في بؤرة الاستهداف في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلخ…، ويجب أن يكون التحليل على عدة مستويات من أجل أن يكون مجدياً، منها:
أولاً: المستوى التاريخي: ويكون برصد تطور الأحداث التي مرت بها الأمة، واستخلاص قوانين الصعود والهبوط، وفرز عوامل الصحة والمرض، وتقويم عناصر القوة والضعف إلخ…
ثانياً: مستوى اللحظة الراهنة: ويكون بوعي الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للأمة، وتوصيفه وصفاً سليماً، وتبين قصوره، ورسم خطه للمساهمة في علاجه.
ثالثاً: مستوى الآخر ويعني الغرب، ويكون بوعي واقعه، وأهدافه في منطقتنا، والأمور التي يمكن أن نستفيدها منه، والأمور التي يجب أن نتجنبها من معطياته الحضارية.
إن التحليل العلمي الدقيق للواقع على المستويات الثلاثة سيؤدي إلى رسم أهداف محددة، لكن غياب ذلك التحليل هو الذي أدى إلى الاضطراب في تحديد الأهداف، وأدى إلى تدخل العوامل الشخصية في تغيير الأهداف، فقد نقل كل من منتصر الزيات وهاني السباعي اضطرار دخول جماعة الجهاد في الجبهة العالمية لمقاتلة اليهود والنصارى في فبراير 1998م، بسبب حاجتها إلى المال من أجل تغطية نفقات بعض أفرادها الذين انقطعت بهم السبل.
ظاهرة تغيير الأهداف لدى جماعات اسلامية من موقع سعورس
رد عمار علي حسن على د. غازي التوبة . تنظيما “الجهاد” و”القاعدة” بعيدان من شكل الجماعة
رد د. غازي التوبة على عمار علي حسن “مرة ثانية … حول الصعوبات التنظيمية وتغيير أهداف الإسلاميين”