الحركات الإسلامية الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/tag/الحركات-الإسلامية/ منبر الأمة الإسلامية Thu, 02 May 2024 20:13:08 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.7.1 https://www.al-ommah.com/wp-content/uploads/2021/02/منبر-الأمة-الإسلامية.svg الحركات الإسلامية الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/tag/الحركات-الإسلامية/ 32 32 171170647 لا “يا قيادة حماس” هذا خطأ استراتيجي وخطيئة شرعية https://www.al-ommah.com/no-hamas-leadership/ https://www.al-ommah.com/no-hamas-leadership/#respond Tue, 25 Apr 2023 19:54:40 +0000 https://www.al-ommah.com/?p=12117 تركت “حماس” سورية عام 2012 بعد أن اشتعل الربيع العربي وظهر إجرام النظام السوري واستهتاره بجماهير شعبه وقمعه له. وهذا موقف يحسب لها لأنها ضحت بعدد من المكاسب لها، وهو منسجم مع حقيقة أنها جزء من أمة وتصرفت بما يعود بالخير عليها وعلى الأمة. والآن عادت “قيادة حماس” إلى إعادة […]

ظهرت المقالة لا “يا قيادة حماس” هذا خطأ استراتيجي وخطيئة شرعية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
تركت “حماس” سورية عام 2012 بعد أن اشتعل الربيع العربي وظهر إجرام النظام السوري واستهتاره بجماهير شعبه وقمعه له. وهذا موقف يحسب لها لأنها ضحت بعدد من المكاسب لها، وهو منسجم مع حقيقة أنها جزء من أمة وتصرفت بما يعود بالخير عليها وعلى الأمة.

والآن عادت “قيادة حماس” إلى إعادة علاقتها مع النظام السوري حسب البيان الذي صدر في 15/9/2022 وكذلك من الطبيعي إعادة علاقتها مع “نظام ملالي إيران” بشكل كامل لأنه هو الراعي للنظام السوري، وهو الأصل في كل العلاقة مع النظام السوري بعد الانتفاضة الأولى عام 1987.

وقد جاء بيان “قيادة حماس” تحت عنوان “أمة واحدة في مواجهة الاحتلال والعدوان”، فهل “النظام السوري” و”نظام ملالي إيران” جزءان من الأمة الواحدة؟ أم هما عدوان للأمة الواحدة؟

الحقيقة أنهما عدوان لهذه الأمة الواحدة، وهذه هي الحقائق:

أولاً: “نظام ملالي إيران”

وصل الخميني إلى طهران عام 1979 إثر تغلبه على شاه إيران، ولم يأت فقط كرجل دين شيعي يريد أن يحكم إيران، بل حمل معه مشروعاً هو ما يمكن أن نسميه “مشروع ملالي إيران”. وهذا المشروع يحمل أهدافاً تغييرية معادية لبنية الأمة ووجودها وطبيعتها وتاريخها ودينها ومبادئها إلخ….، وسنبين أهم ملامح هذا المشروع المعادي للأمة في الخطوات التالية:

  • الإصرار على “شيعية” الجمهورية الإيرانية:

 بعد أن استقر الخميني في طهران زارته وفود مختلفة من أنحاء العالم الإسلامي، على رأسها كانت وفود علمائية من أهل السنة ومن حركاتها الإسلامية، واستبشروا خيراً بوصوله إلى سدة الحكم، واعتبروا ذلك نصراً بعد الأيام الحالكة القاسية التي مرت على العالم العربي بشكل خاص، وتحكم فيها “المشروع الاشتراكي الماركسي” في ستينيات القرن الماضي، والتي حارب فيها هذا المشروع الدين والمتدينين، وانتهى بانهزامه، وظهور “الصحوة الإسلامية”. واعتبر العلماء آنذاك أن انتصار الخميني كان ثمرة للصحوة الإسلامية. وكان القصد من زيارات الوفود العلمائية هو التعاون مع “الجمهورية الإيرانية” لصالح تمكين الإسلام في بلدانهم، ومواجهة المشاريع “الصهيونية الغربية” في المنطقة.

وعندما أراد الخميني أن يضع دستوراً للجمهورية الوليدة وضع مادة في الدستور، تبرز تبني إيران للمذهب الجعفري الإمامي، وذهب العلماء إلى الخميني –قائد الثورة- وطالبوا منه ألا يقع في هذا الخطأ، لأن “الثورة الإيرانية” و”الدولة الإيرانية” مرتبطان بالأمة جميعها، ولكن الخميني أصر على ذلك، وخاب أمل العلماء وفجعت جماهير الأمة بهذا الموقف، وصدر الدستور وجاءت المادة الثانية عشرة التي تقول: “الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثني عشري، ويبقى هذا المبدأ قائماً وغير قابل للتغيير إلى الأبد”.

  • تسخير دولة إيران لتحقيق “مشروع ملالي إيران”:

بعد أن وصل الخميني إلى الحكم اتضح أنه يحمل مشروعاً لتمكين الشيعة، وتغيير صورة أمتنا وتحويلها من “أمة إسلامية” إلى “أمة شيعية”. وأنه أراد أن يسخر “دولة إيران” لتحقيق هذا المشروع وتنفيذه، وبدأ الخميني تهيئة كل الأدوات والأجهزة التي يحتاجها هذا المشروع، فأعدم كل جنرالات جيش الشاه، ووضع قيادة جديدة للجيش والسافاك، وأنشأ إلى جانب ذلك جيشاً رديفاً للجيش الإيراني هو الحرس الثوري، ووظف هذا الحرس للتدخلات الإيرانية في دول المحيط والجوار، كما أنشأ أجهزة أحرى ثقافية وسياسية وإعلامية واجتماعية ….إلخ من أجل خدمة ذلك المشروع، والدعاية له، وتنطلق أدوات المشروع من المذهب الشيعي وأفكاره، وتروج له، وتدعو له.

  • نشر المذهب الشيعي و”تدمير الوحدة الثقافية والسياسية” للأمة:

 اتجه الخميني إلى نشر المذهب الشيعي، وتواصل مع الطوائف الشيعية في مختلف المناطق ووظفها لصالح “مشروع ملالي إيران”، ودفعها إلى التصادم مع المحيط السني الذي تعيش فيه، وأمدها “مشروع ملالي إيران” بكل ما تحتاجه، من أجل النجاح في المواجهة، من مال وإعلام وكتب ودعاة وبعثات إلخ…..

وأما المناطق السنية التي لا يوجد فيها طوائف شيعية، فاتجه إلى التأثير على بعض الناس من أجل دعوتهم إلى “المذهب الشيعي”، وكان من نتائج ذلك في الحالتين الاصطراع بين أبناء الأمة الواحدة، وافتعال معركة لا داعي لها الآن، والمستفيد الأساسي منها هو “المشروع الصهيوني الغربي”، وكانت النتيجة وبالاً على الأمة وهو “تدمير الوحدة الثقافية” و”تدمير الوحدة السياسية” وهو ما نرى نتائجه في العراق الآن، وهو الاستقطاب الثقافي الحاد الذي وقع فيه بين الشيعة والسنة، وكذلك التجزئة السياسية التي نراها واضحة للعيان، وهي تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق: كردية في الشمال، وسنية في الوسط، وشيعية في الجنوب.

ومن المعلوم أن الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رحمه الله، ذو موقف معتدل من الشيعة، وكان متواصلاً معهم، لذلك وضع في “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، الذي أنشأه عام 2004 شيخاً شيعياً كأحد نوابه في الاتحاد  وهو الشيخ التسخيري، وبعد أن نبهه بعض الأخوة على خطورة “مشروع ملالي إيران”، وإصرار إيران في الدعوة إلى المذهب الشيعي في مصر، ما أدى إلى اضطراب داخلي في وقت أحوج ما تكون الأمة فيه إلى وحدة الصف، وتوجيه البوصلة إلى مقاتلة أمريكا و”المشروع الصهيوني”، اتصل – رحمه الله – بآيات الله في إيران، وعرض عليهم إبرام اتفاق يقوم على عدم دعوة أهل السنة للمذهب السني في المناطق ذات الأغلبية الشيعية، وعدم دعوة الشيعة للمذهب الشيعي في المناطق ذات الأغلبية السنية، ولكنهم رفضوا ذلك، مما يدل على أنهم مصرون على الدعوة إلى التشيع مهما كانت النتائج، ومصرون بالتالي على تدمير الوحدة الثقافية والسياسية للأمة، وعلى إثارة المعارك الطائفية، وسيكون المستفيد من ذلك هو أمريكا والغرب و”المشروع الصهيوني”، وكان نتيجة ذلك أن غيّر الشيخ يوسف القرضاوي موقفه من ممارسات “ملالي إيران” واعترف بخطئه السابق وعدّله، وهذا موقف يحسب له.

  • استغلال “مشروع ملالي إيران” للقضية الفلسطينية:

انتبه الخميني إلى أهمية القضية الفلسطينية ودورها في تحشيد الأمة حول “مشروع ملالي إيران”، لذلك صرح بأن “لا قيمة لسياستنا الخارجية إذا لم يكن لها يد طولى في القضية الفلسطينية”، لذلك أقام علاقات مبكرة مع مختلف “الفصائل الفلسطينية”، وأمّدها بالسلاح والمال من أجل أن يقوي نفوذه في الساحة الفلسطينية.

وكذلك أنشأ “مشروع ملالي إيران” في عام 1982 فصيلاً شيعياً مقاتلاً لإسرائيل في جنوب لبنان تحت مسمى “حزب الله” وأصبح هناك تعاون بين هذا الحزب وفصائل المقاومة. واستفاد “مشروع ملالي إيران” إعلامياً من هذه المكاسب في ساحة القضية الفلسطينية من أجل حشد التأييد له أو كسب التعاطف الجماهيري معه، وتحسين صورته أمام العالم الإسلامي. ولكن كل هذه الأعمال لا تصمد أمام الواقع، فالحريص على قضية فلسطين وانتصارها لا يمكن أن يعمل بحال من الأحوال على تصفية الجيش العراقي وإنهاء وجوده، وهو ما قام به “مشروع ملالي إيران” في تعاون مع أمريكا في تسهيل احتلال العراق عام 2003 ثم موافقته على حل الجيش العراقي، وقد اعتبرت إسرائيل هذا الحل انتصاراً كبيراً لها، لأن إنهاء الجيش العراقي ألغى خطر الجبهة الشرقية عليها، وقد غيرت إسرائيل بعد هذا الحل عقيدتها الاستراتيجية على أنه لا وجود لخطر عليها من الجبهة الشرقية، وذلك من أفضال “مشروع ملالي إيران” على إسرائيل.

  • مساعدة “مشروع ملالي إيران” لأمريكا على احتلال بلدين مسلمين، هما: أفغانستان والعراق:

هاجمت أمريكا أفغانستان عام 2001 بحجة إيواء طالبان لأسامة بن لادن، الذي اتهمته أمريكا بأنه وراء إسقاط برجي نيويورك، وقد قدمت إيران خدمات لوجستية للقوات الأمريكية الغازية، كما قدمت خدمات لوجستية للقوات الأمريكية عندما غزت العراق عام 2003، وهذا يؤكد استحكام عداء “مشروع ملالي إيران” للأمة، وتعاونه مع أعدائها من أجل تدمير دولها، وذلك بمساعدتهم على احتلال بلاد المسلمين.

  • لماذا يشكل “مشروع ملالي إيران” خطراً وجودياً – الآن – على الأمة؟

يشكل “مشروع ملالي إيران” خطراً وجودياً وجذرياً على الأمة لسببين:

  1. لا يستهدف “مشروع ملالي إيران” نشر آراء شرعية مخالفة لما هو موجود عند “أهل السنة” فقط، ولكنه يتطلع ويستهدف تغيير أصل من أصول الكيان والوجود الإسلامي، وهو “الأمة الإسلامية”، حتى تصبح “أمة شيعية”، وهو تغيير وجودي، لم تقم به أية طائفة أو فرقة دينية على مدى التاريخ الماضي، وإن أقصى ما تطلعت له كل الفرق والطوائف كالخوارج والمعتزلة إلخ…. هو زيادة الانتشار والتوسع والتمكن في محيطها.
  2. من الجدير بالذكر أن ما شجع “مشروع ملالي إيران” على هذا التطلع إلى إنشاء “أمة شيعية” هو سقوط آخر دولة سنية وهي: “دولة الخلافة العثمانية” وأصبح “أهل السنة” بلا دولة تدعم وجودهم وكيانهم، وهذا ما يضعف قدرتهم على مواجهة “مشروع ملالي إيران”، وهذا ما يجعل “إيران” تحرص على استغلال الفرصة، والاستفادة منها أقصى الاستفادة، فقد كانت هناك باستمرار دولة في مواجهة أية دولة شيعية على مدار التاريخ، فقد تصدت “الدولة السلجوقية” السنية ل”الدولة الفاطمية” الشيعية” في الماضي، كما تصدت “الدولة العثمانية” ل”الدولة الصفوية” في القرن السادس عشر الميلادي وما بعده.

بعد أن وضحت عداوة “مشروع ملالي إيران” للأمة، ننتقل إلى توضيح عداوة “نظام سورية الأسدي” للأمة.

ثانياً: “نظام سورية الأسدي”

لا أريد أن أتعرض لتاريخ عداء نظام البعث ومن بعده نظام الأسد للأمة وللدين الإسلامي في سورية منذ مجيء البعث إلى السلطة عام 1963، ولكني أريد أن أرصد الفترة التي بدأ الربيع العربي فيها في سورية منذ 15-3-2011، وآثاره على علاقات نظام الأسد مع “مشروع ملالي إيران”، ومع “حركة حماس”.

بعد سقوط زين العابدين بن علي ونظامه في تونس في 14-1-2011، وسقوط حسني مبارك ونظامه في مصر في 21-2-2011، ابتدأ الربيع العربي في سورية، وخرجت ملايين الشعب السوري إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة في كل المدن: حمص، ودرعا، وحماة، ودير الزور إلخ…..، وعبرت جميعها عن عدائها للنظام الأسدي، وأحس بشار الأسد بخطورة الوضع واضطراب الحكم، ففكر في التنازل وترك الحكم، لكن قاسم سليماني أقنعه بالبقاء، ووعده بأن إيران ستقدم كل متطلبات الدعم.

من الواضح أن “مشروع ملالي إيران” كان يدعم نظام الأسد في المراحل السابقة، ولم يقصر في شيء، لكنه زاد الدعم بعد التحركات الشعبية والجماهيرية في مختلف المجالات: المالية والبترولية واللوجستية والسيبرانية والمخابراتية والعسكرية إلخ…

ومع ذلك فقد اهتز النظام وكاد أن يسقط في نهاية عام 2012 مما اضطر “مشروع ملالي إيران” أن يظهر دعمه وتأييده لنظام الأسد، وينتقل من السر إلى العلن، لذلك دعا الخامنئي “قوات حزب الله” لدخول سورية ومناصرة النظام السوري، فدخلت “قوات حزب الله” إلى منطقة “القصير” في غربي سورية، وقاتلت قوات الثورة، وتغلبت عليها في حزيران-يونيو 2013، كما أمر الخامنئي “قوات الحرس الثوري” بالتدفق إلى سورية، وتدخلت هذه القوات وشكلت عدة ميليشيات بحجة المحافظة على الأماكن المقدسة عند الشيعة، ومنها: عصائب الحق، والزينبيون، والفاطميون إلخ…..، وقد احتوت هذه الميليشيات جنسيات من دول مختلفة مثل: باكستان وأفغانستان وإيران والعراق إلخ…..

ومع كل ذلك الدعم الذي قدمه “مشروع ملالي إيران” للنظام الأسدي، فإن النظام اهتز مرة ثانية أمام تحركات الجماهير وانهزم في ساحات درعا وحمص المنطقة الشرقية وحماة ومحيط دمشق في الغوطتين: الشرقية والغربية، وبقي النظام محصوراً في داخل مدينة دمشق والساحل، مما اضطره إلى التطلع إلى تدخل روسيا.

ذهب قاسم سليماني إلى روسيا عام 2015، وأقنعها بالتدخل عسكرياً لصالح النظام الأسدي، بعد تقديمها الغطاء السياسي للنظام الأسدي بأن استخدمت الفيتو لتعطيل القرارات التي صوت عليها مجلس الأمن لإيقاف المجازر الدموية التي كان النظام الأسدي يرتكبها في حق شعبه منذ عام 2011.

وبالفعل تدخلت روسيا بكل ثقلها العسكري إلى جانب النظام الأسدي، واستخدمت سلاح الطيران بشكل مكثف في كل ساحات القتال، مما جعل كفة النظام ترجح على الثوار، واستعاد النظام بعض المدن: حمص، حماة، مدن الغوطة إلخ…….

ثم استمر النظام الأسدي في قتل أبناء الشعب وتهجيرهم، فاستخدم كل الأسلحة المحرمة دولياً، فاستخدم الكيماوي أكثر من مرة، واستخدم البراميل المتفجرة، وبلغ ما قتله من أبناء الشعب ما يقرب من المليون، وهجر أكثر من عشرة ملايين بين هجرة داخلية وهجرة خارجية، ودمر معظم مدن سورية تدميراً كاملاً، في هذا الوقت أعادت “قيادة حماس” علاقتها بهذا النظام.

هذه بعض معالم صورة النظام الأسدي: قتل وجرح وهجر الملايين من مسلمي سورية، فهو عدو للأمة كما هو عدو لكل مسلم في الأرض، فهو عدو للمسلمين في سورية، وهو عدو للأمة طالما أنه قتل المسلمين هذا من جهة، وهو قد باع البلد لطرفين هما: دولة روسيا و”مشروع ملالي إيران”، أما روسيا فقد عقدت اتفاقات مع نظام الأسد فامتلكت موانئ بحرية في طرطوس واللاذقية على البحر المتوسط، وهي المناطق الدافئة التي كان القياصرة الروس يحلمون بالوصول إليها من جهة ثانية.

وقد استغل “مشروع ملالي إيران” مساندته لنظام الأسد، وأجرى عدة تغييرات جذرية في سورية وهي:

  • نشر التشيع:

ينشط “مشروع ملالي إيران” في نشر التشيع في كل مناطق سورية، ويبذل أقصى طاقته، ويساعده النظام على ذلك، ويرتبط بنشر التشيع إحياء المواسم والطقوس الشيعية في عاشوراء وميلاد الأئمة ووفاتهم، ويرتبط بنشر التشيع – أيضاً – إقامة الحسينيات، وبناء الأضرحة على قبور رجالات آل البيت ونسائهم، وإقامة المزارات والبناء حولها من أجل زيارتها والتبرك بها.

  • التغيير الديمغرافي:

ينشط “مشروع ملالي إيران” في تغيير صورة سورية السكانية، ويحل مكان السكان الأصليين أجانب، قد يكونون باكستانيين أو إيرانيين أو أفغان إلخ….. حسب الميليشيات التي ينتمون إليها.

وبدأت الحكومة تأخذ مساكن المهجرين بحجة أنها “أملاك غائبين” وتحولها إلى عناصر تلك الميليشيات الشيعية، وبهذا يحدث أكبر تغيير سكاني على مدار العصور لوجه سورية.

  • تغيير ثقافي علمي تربوي:

ينشئ “مشروع ملالي إيران” مدارس وحوزات علمية مرتبطة بالمذهب الجعفري الإمامي الإثني عشري لتعليم المذهب الشيعي وتوسيع رقعته في كل أنحاء سورية، وبهذا تتغير صورة سورية الدينية الثقافية من دولة سنية متسامحة إلى دولة ذات وجه طائفي متعصب.

وألغى النظام الأسدي منصب المفتي العام للدولة، وهو منصب كان يأتي عن طريق الانتخاب بين العلماء، وأقام مجلساً فقهياً مكانه يحتوي على عناصر من مختلف المذاهب في سورية، ويعتبر هذا تغييراً جذرياً في صورة سورية الدينية.

  • تدمير سورية:

ساهم “مشروع ملالي إيران” في تدمير سورية عمرانياً واقتصادياً وزراعياً وصناعياً..، فقد أصبحت معظم مدن سورية مدمرة، وتعطلت الزراعة فيها، ودمرت المصانع فيها في مختلف المدن، ودمرت البنية التحتية فيها في جميع المرافق.

وتقدر الخسائر المادية فيها بمئات مليارات الدولارات، ويحتاج إصلاح كل ما دمر فيها إلى عشرات السنين.

  • تقسيم سورية:

لقد سيطرت الطائفة العلوية على كل سورية بعد تولي حافظ الأسد للحكم عام 1970، وشملت سيطرتها كل مرافق الدولة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والإعلامية والتعليمية إلخ……

لقد زاد تدخل “مشروع ملالي إيران” الطائفية اشتعالاً والتهاباً في سورية بعد الربيع العربي، لأنه نشط وأسرع في تشييع كثير من أهل سورية، بالإضافة إلى افتتاح المراكز والحسينيات والمدارس والجامعات التي تدرس وتدعو إلى المذهب الشيعي.

لذلك من المرجح أن يزيد انتشار المذهب الشيعي في سورية احتمال تقسيمها حسب التوزيع العرقي والمذهبي.

استعرضنا – فيما سبق – عداوة النظامين “نظام ملالي إيران” و “نظام سورية الأسدي” للأمة.

ننتقل – الآن – لتقويم موقف “قيادة النظامين”، وانعكاسه على القضية الفلسطينية، ويمكن أن ننتهي إلى النتائج التالية بالنسبة ل”مشروع ملالي إيران”:

1-من الواضح أن “مشروع ملالي إيران” عدو للأمة عداوة “وجودية”، لأنه يريد أن يغيّر بنيتها الداخلية ويحوّلها من “أمة إسلامية” إلى “أمة طائفية شيعية”.

2-وهو عدو للأمة لأنه دمّر بلداناً بكاملها، أو عاون على تدميرها، مثل: العراق، سورية، لبنان، اليمن، وقتل مئات الآلاف من المسلمين في كل أنحاء الأرض.

3-وهو عدو للأمة لأنه تعاون مع أعداء الأمة وعلى رأسهم أمريكا في تدمير بلدين مسلمين هما: أفغانستان والعراق.

4-وهو عدو للأمة لأنه يعمل على تدمير وتفتيت “الوحدة الثقافية” التي هي أغلى ما نملك في تحقيق الترابط بين أبناء الأمة الواحدة.

5-طالما أن “مشروع ملالي إيران” هو عدوّ للأمة في كل أنحاء الأرض، يقتل أبناءها، ويدمر عمرانها، ووحدتها الثقافية، ويسعى إلى تغيير بنيتها الوجودية، فهو لا يمكن أن يكون عدواً للأمة في كل أنحاء الأرض، ويتحوّل إلى “صديق حليف” في فلسطين، فهو كاذب في دعواه لأن “صديق” القضية الفلسطينية لا يمكن أن يسمح بحل الجيش العراقي، وإنهاء “الجبهة الشرقية” التي كانت أكبر خطر على إسرائيل بعد إنهاء خطر “الجبهة الجنوبية” باتفاقات “كامب ديفيد” عام 1979، بين إسرائيل و”السادات”، لأن المستفيد الأول من هذا التدمير للبلدان، والحل للجيش العراقي هو “المشروع الصهيوني الغربي”، وقد قام “مشروع ملالي إيران” بتحقيق ما عجز عنه “المشروع الصهيوني الغربي” في التدمير والتفتيت والتجزيء من حيث الكم والكيف وسرعة الإنجاز.

6-ليس من شك بأن قضية فلسطين هي قضية كبيرة من قضايا الأمة، بمعنى أنه لم يتحقق حلم الصهاينة في إقامة دولة إسرائيل إلا بتدمير نوعي لجانب من وجود الأمة وإسقاط “الدولة الإسلامية” الأخيرة وهي “الخلافة العثمانية” عام 1924، واستعمار المنطقة العربية كلها تقريباً من قبل إنكلترا وفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى، وكذلك لا يمكن أن تتحرر فلسطين إلا بجهود الأمة جميعها، لذلك فإن جميع العرب جاهدوا في فلسطين إلى جانب الفلسطينيين قبل قيام إسرائيل عام 1948، وبعد الانسحاب البريطاني من فلسطين عام 1948 دخلت سبعة جيوش عربية للمقاتلة إلى جانب الفلسطينيين بالإضافة إلى مجاهدين عرب ومسلمين من كل أنحاء الأرض.

فمن المؤكد أن الفلسطينيين وحدهم لا يمكن أن يحرروا فلسطين، بل لا بد من دعم الأمة جميعها لهم، وتكافلها معهم، وهم يشكلون رأس الحربة في هذه المواجهة.

وقد تحقق ذلك على مدار التاريخ، بدءاً من الحروب الصليبية حيث ناصرت الأمة الأسرة الزنكية في الموصل والأسرة الأيوبية في مصر، لتحرير القدس عام 1889 م من أيدي الصليبيين، مروراً بدعم الأمة لعز الدين القسام، ثم من بعده الحاج أمين الحسيني رحمهما الله، “انتهاءً بقيادات “حماس والجهاد” على مدار السنين الماضية.

فكما أن هذا واجب الأمة، فإنه يجب على القيادات المجاهدة ألا تتخلى عن أمتها، وتبقى مرتبطة بها، وألا تتعاون مع أعدائها، لكن “قيادة حماس” خرقت – الآن – بكل أسف هذا الواجب، فهي عندما تعيد تطبيعها مع “النظام الأسدي” الذي هو جزء من “مشروع ملالي إيران” الذي يدمر بلداناً متعددة من الأمة، ويقتل مئات الألوف من أبناء الأمة، ويفتت “الوحدة الثقافية” للأمة، ويتطلّع إلى إيجاد “أمة بديلة” لهذه الأمة الإسلامية، وبالتالي لا يمكن أن نصنفه إلا بأنه “عدو للأمة”.

7-أما القول بأننا يجب أن نصادق “مشروع ملالي إيران” لكي نواجه العدو الإسرائيلي و”مشروعه الصهيوني” فهذا الأمر لا نقرره وحدنا، بل يجب أن يشترك به “مشروع ملالي إيران”، وقد قدمت قياداتنا الدينية وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي – رحمه الله – عرضاً إلى “ملالي إيران” والذي تحدثنا عنه سابقاً، ولكنهم رفضوا ذلك العرض الذي يمهد للتعاون، وأمام هذا الصدود من قبل “ملالي إيران”، سنضطر إلى مواجهة المشروعين: “مشروع ملالي إيران” و”المشروع الصهيوني”، وهما اللذان يقتلان أبناء أمتنا، ويدمران بلداننا، ويخرجان أهلينا من أوطانهم وديارهم، ونعد الخطط لمواجهة هذين المشروعين، وذلك ليس بدعاً في تاريخنا، فقد واجهت أمتنا أيام الدولة العباسية عدوين خطرين في وقت واحد هما: المغول والصليبيون.

الخلاصة

إنّنا نستطيع أن نصنّف هذا التصرف من “قيادة حماس” بأنها وقعت في خطأين:

الأول: “خطأ استراتيجي” وهو ابتعادها عن أمتها، وإدارة ظهرها لها، ووقوفها مع عدو للأمة.

الثاني: “خطيئة شرعية” لأن الله نهانا عن التواصل والتعاون وتولي من يقاتلنا ويخرجنا من ديارنا وهو ألد أعدائنا، وهو ما يقوم به “مشروع ملالي إيران”، فقد قال تعالى: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(9)” (سورة الممتحنة).

وهو ما ستكون له عواقبه الخطيرة على “حركة حماس” و”القضية الفلسطينية”، ومن ورائهما “الأمة”.

ظهرت المقالة لا “يا قيادة حماس” هذا خطأ استراتيجي وخطيئة شرعية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/no-hamas-leadership/feed/ 0 12117
كتاب: الحركات الإسلامية والدعاة الجدد.. عرض وتقويم https://www.al-ommah.com/islamic-movements/ https://www.al-ommah.com/islamic-movements/#respond Tue, 19 Oct 2021 19:01:04 +0000 https://al-ommah.com/?p=9557 نقدم لكم كتاب “الحركات الإسلامية والدعاة الجدد.. عرض وتقويم” لكاتبه الشيخ الدكتور غازي التوبة. يمكن تحميل الكتاب من الرابط التالي بالضغط هنا. يقول المؤلف الشيخ الدكتور غازي التوبة في الكتاب: قدمت في هذا الكتاب عدة دراسات عن الحركات الإسلامية الجهادية وغير الجهادية، كما درست أعمال عدد من كبار العلماء والمفكرين، من […]

ظهرت المقالة كتاب: الحركات الإسلامية والدعاة الجدد.. عرض وتقويم أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
نقدم لكم كتاب “الحركات الإسلامية والدعاة الجدد.. عرض وتقويم” لكاتبه الشيخ الدكتور غازي التوبة.

يمكن تحميل الكتاب من الرابط التالي بالضغط هنا.

يقول المؤلف الشيخ الدكتور غازي التوبة في الكتاب:

قدمت في هذا الكتاب عدة دراسات عن الحركات الإسلامية الجهادية وغير الجهادية، كما درست أعمال عدد من كبار العلماء والمفكرين، من أمثال: حسن البنا، ومحمد قطب، ومالك بن نبي، وراشد الغنوشي، وتعرضت في دراساتي للدعاة الجدد، وعلى رأسهم: عمرو خالد، ثم ختمت الكتاب بدراستين عن فقه العمل الجماعي.

ظهرت المقالة كتاب: الحركات الإسلامية والدعاة الجدد.. عرض وتقويم أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/islamic-movements/feed/ 0 9557
انتصار طالبان: التفسير وتصويب المسير https://www.al-ommah.com/%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d8%aa%d8%b5%d9%88%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%b1/ https://www.al-ommah.com/%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d8%aa%d8%b5%d9%88%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%b1/#respond Sat, 11 Sep 2021 13:39:25 +0000 https://al-ommah.com/?p=9258 ليس من شك بأن خروج الولايات المتحدة ومن معها من الحلفاء من أفغانستان انتصار كبير لطالبان، لكنه -في الوقت نفسه- انتصار للأمة ودينها وقيمها ومبادئها ورسالتها التي خرجت طالبان من رحمها، واستندت إليها في بنائها، وحشدت جماهيرها من محيطها. ولقد جاء انتصار طالبان بعد فشل الولايات المتحدة الأمريكية في حكمها […]

ظهرت المقالة انتصار طالبان: التفسير وتصويب المسير أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
ليس من شك بأن خروج الولايات المتحدة ومن معها من الحلفاء من أفغانستان انتصار كبير لطالبان، لكنه -في الوقت نفسه- انتصار للأمة ودينها وقيمها ومبادئها ورسالتها التي خرجت طالبان من رحمها، واستندت إليها في بنائها، وحشدت جماهيرها من محيطها.

ولقد جاء انتصار طالبان بعد فشل الولايات المتحدة الأمريكية في حكمها لأفغانستان، وتجلى هذا الفشل في أمرين، هما:

الأول: هو الفشل في تغريب المجتمع الأفغاني، بمعنى إيجاد مجتمع أفغاني يزاوج بين القيم الغربية والإسلام، أو قل بمعنى آخر: تطويع الإسلام لصالح مبادئ الحضارة الغربية، مع طمس هويته الإسلامية، وهو ما سعت إليه أوروبا بعد سقوط الخلافة العثمانية في عام 1924، ثم استلمت الراية أمريكا من أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وكان احتلال أفغانستان إحدى حلقات هذا التغريب، وجاءت في إطار “مشروع الشرق الأوسط الجديد” الذي طرحه بوش بعد إسقاط برجي التجارة في نيويورك عام 2001.

الثاني: هو فشل أمريكا في صناعة قيادة جديدة يقبل بها الشعب الأفغاني: بدءًا من حامد كرزاي وانتهاء بأشرف غني ومرورًا بعبد الله عبد الله، وهذه القيادات نبذها الشعب الأفغاني، وبقي وفيًا لقيادته السابقة المتمثلة بقيادة طالبان.

وقد أثبت الشعب الأفغاني أنه شعب مسلم، يريد قيادة إسلامية، وهو لن يخضع ولن يذعن إلا لقيادة إسلامية، تدين بالإسلام، وتنطلق به، وتحمل رايته، وهو ما وجده في طالبان، لذلك أسلم كيانه لها، ولم يسلمه لعملاء أمريكا وأذناب الحضارة الغربية.

وهذا الفشل لأمريكا في أفغانستان يذكرنا بفشلين آخرين في مكانين آخرين، هما:

  • الأول: فلسطين، وهو فشل إسرائيل في تغريب الشعب الفلسطيني وطمس هويته بعد نكسة عام 1967.
  • والثاني: سورية، وهو فشل قيادة البعث في اقتلاع الإسلام واستئصال المتدينين من سورية بعد الانقلاب في عام 1963.

أما فلسطين فقد مارست إسرائيل بعد احتلالها الضفة الغربية وغزة عام 1967 كل أنواع التأثير الفكري والثقافي والإفساد الأخلاقي والإغراء المادي، من خلال برامج مرتبة ومدروسة ومعدة إعدادًا محكمًا من أجل تغريب المجتمع الفلسطيني وطمس هويته الإسلامية، وإعداد قيادة مهادنة لإسرائيل، لكنها فشلت في الأمرين وانبثقت -على العكس من ذلك- الانتفاضة الأولى في نهاية عام 1987، وتحركت فيها جماهير الشعب الفلسطيني في كل أنحاء غزة والضفة الغربية بقيادة حماس والجهاد الإسلامي، واستمرت لمدة ست سنوات حتى وقع ياسر عرفات اتفاقية أوسلو في أيلول من عام 1993.

أما سورية فقد قفز البعث عام 1963 إلى حكم سورية من خلال انقلاب عسكري، وقد استهدف البعث اقتلاع الدين من حياة السوريين، واستئصال المتدينين بحجة أن كليهما رجعيون، معادون للنهضة والتقدم، فلا بد من استئصالهما، مستلهما في ذلك الفكر القومي العلماني، والفكر الاشتراكي الماركسي.

ثم تمكنت الطائفة العلوية من الحكم متعاونة مع حزب البعث بعد انقلاب حافظ أسد على الحكم في عام 1970 واستمر الطرفان متعاونين من أجل اقتلاع الدين واستئصال المتدينين، لكنها فشلا في ذلك فشلًا ذريعًا، وأبرز ما يدل على ذلك هو الثورة السورية التي بدأت في 15/3/2011، والتي انطلقت من المساجد، وكان مادتها الجمهور المسلم، بشعارات إسلامية في مواجهة الطغيان، وقدمت هذه الثورة مليون شهيد على الأقل بعد عشر سنوات، وضعفهم من الجرحى والمعاقين وقدمت اثني عشر مليونًا من المهجرين بين الداخل والخارج.

إن هذه الأمثلة الثلاثة في انتصار طالبان وفشل أمريكا في تغريب الشعب الأفغاني، وفي انتصار حركة حماس والجهاد الإسلامي وفشل إسرائيل في طمس هوية الشعب الفلسطيني الإسلامية، وكذلك انتصار الشعب السوري لدينه وعلمائه في مواجهة محاولة البعث لاقتلاع الدين الإسلامي واستئصال المتدينين، كل ذلك يؤكد حيوية هذه الأمة، وكل ذلك يحتم ضرورة التواصل والاستفادة من تجارب بعضنا، والتعاون على مواجهة الأعداء المشتركين لنا معًا.

وتبرز تلك الأمثلة أن الأمة التي أنجبت جيل الانتفاضة في فلسطين بعد عشرين سنة من الاحتلال والقهر والإذلال والتخريب، والإفساد والإفقار بين عامي 1967 – 1987، هي نفس الأمة التي أنجبت طالبان “طلاب المدارس الشرعية” الذين حرروا أفغانستان بعد عشرين سنة من الاحتلال والتدمير والإذلال والإفقار والإفساد الذي قامت به أمريكا بين عامي 2001 – 2021، وهي نفس الأمة التي أنجبت ثورة سورية عام 2011 بعد خمسين سنة من محاولة اقتلاع الدين الإسلامي واستئصال المتدينين الإسلاميين بأعنف الطرق وأشدها شراسة وإجرامًا، وكان الفشل في النهاية هو ثمرة كل هذه التجارب وهذا يوضح أن هذه الأمة عصية على التخريب والتدمير، وأنها تملك رصيدًا من الثقة بدينها وقيمها ومبادئها ورصيدًا من الشخصية التاريخية والصوابية ما يجعلها تواجه بها محاولات التدمير والتفتيت في كل مكان، كما فعلت ذلك في كل من فلسطين وسورية وأفغانستان.

هذه بعض الأضواء على الماضي والحاضر الذي تمر به طالبان، أما بالنسبة للمستقبل فأهم ما يجب أن تحرص عليه طالبان هو صلتها بأمتها، والأهم -الآن- أن تستفيد من هذه الصلة في بناء نفسها في مختلف المجالات العلمية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية إلخ..

وفي مجال علاقات طالبان مع الأمة، تبرز التجربة السابقة التي خاضتها طالبان مع أسامة بن لادن، والتي تمثلت في استقبالها له في عام 1996 قادمًا من السودان، ثم أعلن أسامة بن لادن مع أيمن الظواهري في قندهار 1998 عن اندماج تنظيميهما تحت مسمى “الجبهة العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين” ثم نفذت هذه الجبهة عدة أعمال عدائية ضد أمريكا أولها كان تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام في 7-8-1998 ثم نفذت هجماتها ضد أمريكا ودمرت برجي التجارة في 11-9-2001 مما استدعى الرد الأمريكي ومهاجمة أفغانستان في 7-10-2001 ثم احتلالها، واقتلاع طالبان من الحكم في أفغانستان.

ليس من شك بأن هذه التجربة تجربة مرة في علاقة طالبان مع أمتها، لكن يحسب لها وفاؤها لأبناء أمتها، فقد رفضت تسليم بن لادن لأمريكا من أجل محاسبته على القيام بتفجيرات أمريكا وكان هذا السبب المباشر في إنهاء حكمها لأفغانستان. لذلك نأمل ألا تكون هذه التجربة المرة سببًا في الحيلولة دون تعامل طالبان مع إخوانها المسلمين خارج أفغانستان.

وأعتقد أن طالبان تدرك أنها جزء من أمة عظيمة تمتد من طنجة إلى جاكرتا، ومن الواضح أن هذه الأمة ذات إمكانيات هائلة وكبيرة، ويجب أن تعتبر طالبان نفسها طليعة هذه الأمة، وتقودها، وتستفيد من كل طاقاتها: العلمية والاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية إلخ….

ومن المفيد أن تعلم طالبان أن هذه الأمة العظيمة والممتدة من طنجة إلى جاكرتا هي عمقها ومادتها الرئيسية، وجمهورها الذي يتطلع إليها في إعادة الأمة والدين إلى قيادة البشرية، فكما أن الإسلام خرج من الجزيرة العربية وأنشأ حضارة منقذة للبشرية في المرة الأولى، يمكن أن يخرج من أفغانستان لينقذ البشرية في المرة الثانية.

الخلاصة:

بيّنا في العرض السابق أن انتصار طالبان في أفغانستان أبرز فشلين للولايات المتحدة الأمريكية، هما: الفشل في تغريب المجتمع الأفغاني، والفشل في توليد قيادة بديلة لطالبان تقود الشعب الأفغاني وهذا الفشل الأمريكي ذكرنا بفشلين آخرين وهما: فشل إسرائيل في طمس هوية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة بعد احتلالها لهما عام 1967، وفشل البعث في سورية في اقتلاع الدين واستئصال المتدينين بعد استلام السلطة عام 1963.

ثم عرجنا على التجربة المرة التي عاشتها طالبان مع أسامة بن لادن، وقلنا إن هذه التجربة يجب أن لا تجعلها تحجم عن التعاون مع أمتها الإسلامية.

ثم بيّنا أن طالبان جزء من أمة عظيمة تمتد من طنجة إلى جاكرتا، وأن عليها أن تستفيد من طاقات هذه الأمة وامكاناتها الهائلة، وأن تقودها لإنقاذ البشرية من السقوط الذي تتردى فيه الآن.

نشر المقال في موقع عربي 21 بعنوان لماذا فشلت أمريكا وحلفاؤها في تغريب أفغانستان؟

ظهرت المقالة انتصار طالبان: التفسير وتصويب المسير أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d8%aa%d8%b5%d9%88%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%b1/feed/ 0 9258
قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية 2016 سلسلة من أربعة حلقات https://www.al-ommah.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%b6%d8%a9/ https://www.al-ommah.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%b6%d8%a9/#respond Mon, 04 Feb 2019 19:45:29 +0000 https://al-ommah.com/?p=5074 الحلقة الأولى من قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية  الحلقة الثانية من قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية  الحلقة الثالثة من قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية الحلقة الرابعة من قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية

ظهرت المقالة قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية 2016 سلسلة من أربعة حلقات أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
الحلقة الأولى من قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية

الحلقة الثانية من قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية

الحلقة الثالثة من قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية

الحلقة الرابعة من قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية

ظهرت المقالة قراءات في مؤتمر حركة النهضة التونسية 2016 سلسلة من أربعة حلقات أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%b6%d8%a9/feed/ 0 5074
من أين يبدأ تغيير الواقع الإسلامي؟ https://www.al-ommah.com/%d9%85%d9%86-%d8%a3%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%a8%d8%af%d8%a3-%d8%aa%d8%ba%d9%8a%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%9f/ https://www.al-ommah.com/%d9%85%d9%86-%d8%a3%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%a8%d8%af%d8%a3-%d8%aa%d8%ba%d9%8a%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%9f/#respond Mon, 04 Feb 2019 01:30:33 +0000 https://al-ommah.com/?p=5109 ? من أين يبدأ التغيير في العالم الإسلامي؟ ?? ? هل واقعنا غير قابل للتغيير؟ ?? ? أم أن الخطأ في من يعمل على تغيير الواقع؟ ?? ? أين أخطأت الحركات الإسلامية؟ كجماعة التبليغ وحزب التحرير … إلخ ?? ? ما هي حقيقة مقولة “دار الحرب ودار الإسلام”؟ ?? ?تساؤلات […]

ظهرت المقالة من أين يبدأ تغيير الواقع الإسلامي؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
? من أين يبدأ التغيير في العالم الإسلامي؟ ??
? هل واقعنا غير قابل للتغيير؟ ??
? أم أن الخطأ في من يعمل على تغيير الواقع؟ ??
? أين أخطأت الحركات الإسلامية؟ كجماعة التبليغ وحزب التحرير … إلخ ??
? ما هي حقيقة مقولة “دار الحرب ودار الإسلام”؟ ??
?تساؤلات يجيب عنها د. غازي التوبة في برنامج قراءات في شؤون الإسلام والأمة والحضارة.
من أين يبدأ تغيير الواقع الإسلامي؟ الحلقة رقم 24.

ظهرت المقالة من أين يبدأ تغيير الواقع الإسلامي؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%85%d9%86-%d8%a3%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%a8%d8%af%d8%a3-%d8%aa%d8%ba%d9%8a%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%9f/feed/ 0 5109
قراءة في مؤتمر حزب حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%b6%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%86%d9%88%d8%b4%d9%8a/ https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%b6%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%86%d9%88%d8%b4%d9%8a/#respond Fri, 08 Jul 2016 21:30:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=2060 عقد “حزب حركة النهضة” التونسي الذي يرأسه راشد الغنوشي مؤتمره العاشر في 20-5-2016، وأجرى مراجعة لمسيرته السابقة، كما أجرى انتخابات لهياكله القيادية، ثم اختار الشيخ راشد الغنوشي رئيسا له في نهاية المؤتمر، وقد صدر بيان ختامي عن المؤتمر. وعند التدقيق في الأفكار والمبادئ التي تم بحثها، والاتفاق عليها، والعمل بها […]

ظهرت المقالة قراءة في مؤتمر حزب حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
عقد “حزب حركة النهضة” التونسي الذي يرأسه راشد الغنوشي مؤتمره العاشر في 20-5-2016، وأجرى مراجعة لمسيرته السابقة، كما أجرى انتخابات لهياكله القيادية، ثم اختار الشيخ راشد الغنوشي رئيسا له في نهاية المؤتمر، وقد صدر بيان ختامي عن المؤتمر.

وعند التدقيق في الأفكار والمبادئ التي تم بحثها، والاتفاق عليها، والعمل بها في استراتيجية “حزب حركة النهضة” القادمة، وجدنا أنها مبادئ أحدثت انعطافا نوعيا في مسيرة العمل الإسلامي، وسنرصد هذه المبادئ أولاً، ونقومها لنرى مدى صوابيتها ثانياً.

يمكن أن نجمل هذه التغييرات بأربعة تغييرات وهي:

أولاً- التخلص من الشمولية

لقد قامت أحزاب شمولية في العالم بعد الحرب العالمية الأولى، وتمثلت في الأحزاب الشيوعية والنازية والفاشية، وقامت على غرارها الأحزاب الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى في مصر والباكستان وبلاد الشام، وأبرز هذه الأحزاب الشمولية: الإخوان المسلمين في مصر، والجماعة الإسلامية في الباكستان، وحزب التحرير في القدس إلخ ….

وقد أدان “حزب حركة النهضة” في مراجعاته التوجه الشمولي وأعتبره توجهاً خاطئاً، لذلك أزال توجهه الشمولي وتحول إلى حزب غير شمولي، فماذا يعني ذلك؟

يعني ذلك عدة أمور:

التحول من حزب أممي مرتبط مع قيادات أخرى خارج الحدود إلى حزب وطني، لا صله بقيادات أخرى خارج حدود تونس. فك الارتباط بأية أيدلوجية شمولية، وعدم الاهتمام بالأمور الأيدلوجية، والاهتمام فقط بالأمور الوطنية المحلية الاقتصادية والسياسية والمعاشية والتنموية والبيئية لشعب تونس وحده.

وعندما تحول “حزب حركة النهضة” إلى هذا الوضع فعل ذلك نتيجة توجه عالمي بعد سقوط جدار برلين عام 1989، وتحول الأحزاب الشيوعية في روسيا وشرقي أوروبا ووسط آسيا من أحزاب شمولية إلى أحزاب وطنية محلية.

وهذا التحول جاء بعد أن ثبت أن الأيديولوجية الشيوعية قامت على كثير من المفاهيم الخاطئة من مثل: مادية الكون والإنسان، وإنكارها وجود الله والروح والبعث، وإنكارها عالم الغيب وإقرارها بعالم الشهادة فقط، وعدم إقرارها بحب التملك عند الإنسان، والتنكر للفرد والجنوح للجماعة.

وقد أفرزت هذه المفاهيم الخاطئة في عالم الواقع والحياة آثاراً سيئة في الدول والمجتمعات التي طبقت الشيوعية من قتل عشرات الملايين من الأشخاص، وتضييق على الحريات، وتغوّل لأجهزة المخابرات، وفشل في التنمية والاقتصاد، لذلك انهارت تلك الأنظمة في النهاية، وهو ما وقع في عام 1990، وكانت النتيجة تفكك الاتحاد السوفيتي وتحوله من دولة كبرى إلى مجموعة دول متفرقة.

لذلك فالشر ليس في شمولية الأحزاب الشيوعية وإنما جاء الشر في الأحزاب الشيوعية من المفاهيم الخاطئة التي قامت عليها، والتي كانت منافية للعلم والعقل والفطرة.

لذلك يجب أن لا نضع الدين الإسلامي ضمن الأيديولوجيات السابقة، لأنه يقوم على الحق المنزل من الله في كل مبادئه وأفكاره وقيمه وفيما يتعلق بالكون والإنسان والحياة، وفيما يتعلق ببناء الفرد نفسياً وعقلياً وخلقياً إلخ…، وفي بناء الأمة ثقافة وفكراً وقيماً واقتصاداً واجتماعاً وسياسة إلخ….

لذلك أعتقد أن “حزب حركة النهضة” قد خسر مرتين عندما ابتعد عن الصورة التي كان يعمل بها:

الأولى: لأن الأمة بحاجة إلى بناء مسارات صحيحة، ليس في السياسة فقط، بل في كل تفريعات وجودها: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية إلخ …، وهذا ما يجب أن تعمل عليه قيادة واحدة تنطلق من أيدلوجيا تعالج كل حاجات الإنسان والمجتمع، وتضع لها الحلول المناسبة، مع مراعاة أقصى درجات التخصص والمهنية في ممارسة هذه المجالات.

الثانية: لأنها استسلمت للقطرية، وتجاهلت حقيقة وجود أمة واحدة، وهو ما يمكن أن تستفيد منه في مراحل البناء، وتستثمره في سنة التدافع مع الآخرين المخالفين في كل مجالات البناء الفردي والجماعي.

ثانياً- الخروج من عباءة “الإسلام السياسي”

راشد الغنوشي

صرحت حركة النهضة في أكثر من مرة أنها خرجت من عباءة “الإسلام السياسي” فقد جاء هذا الكلام في تصريحات للغنوشي، كما جاء في البيان الختامي، ونحن سننقل ما جاء في البيان الختامي، فقد جاء فيه القرار التالي: “يؤكد هذا المؤتمر التاريخي موضوع خياراته الاستراتيجية أن حزب حركة النهضة قد تجاوز عمليا كل المبررات التي تجعل البعض يعتبره جزءاً مما يسمى “الإسلام السياسي” وأن هذه التسمية الشائعة لا تعبر عن حقيقة هويته الراهنة ولا تعكس مضمون المشروع المستقبلي الذي يحمله”

والسؤال الآن: ما الذي تعنيه عبارة “الإسلام السياسي”؟ برز مصطلح “الإسلام السياسي” بعد الحرب العالمية الأولى، وأطلق على الحركات والأحزاب والجماعات التي قامت بعد الحرب العالمية الأولى مطالبة بإعادة الكيان السياسي للأمة الإسلامية والمتمثل بـ “دولة إسلامية”، وكذلك قامت مطالبة بإعادة “تطبيق الشريعة الإسلامية”، وكان أبرزها كما هو واضح من قراءة التاريخ واستعراض صفحاته: “الإخوان المسلمين” في مصر، و”الجماعة الإسلامية” في باكستان، و”حزب التحرير” في القدس إلخ….

وعندما يأتي راشد الغنوشي وحزب حركة النهضة فيصرحان بأنهما فصلا علاقتهما بــــ “الإسلام السياسي” فما الذي يعنيه ذلك؟ يعني ذلك بكل وضوح أنهما لم يعودا يدرجان في أهدافهما: “الدولة الإسلامية”، و”تطبيق الشريعة”.

وعندما نتابع نتائج المؤتمر العاشر لـ “حزب حركة النهضة” لا نجد أي حديث عن هذين الهدفين، مما يؤكد المعنى الذي ذهبنا إليه.

وليس من شك بأن استهداف إقامة “دولة إسلامية” وتطبيق “الشريعة الإسلامية” هو واجب شرعي على كل مسلم، وكذلك هو واجب على كل حزب أو جماعة أو تنظيم إسلامي، وهذا ما أقره العلماء والشرع، ويؤكد ذلك الصحابة –رضي الله عنهم- عندما انشغلوا عن دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واجب بما هو أوجب وهو اختيار خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة واختاروا أبا بكر الصديق رضي الله عنه، ثم توجهوا إلى إجراءات دفن الرسول صلى الله عليه وسلم.

وعندما يأتي “حزب حركة النهضة” ويترك هذين الهدفين، فهذا تراجع عن مطلب شرعي، ونكوص عما تتطلبه معطيات الدين وواقع الأمة، وتطلعات جماهير الأمة.

ثالثاً- الفصل بين “الدعوي” و “السياسي”

طرح “حزب حركة النهضة” الفصل بين “الدعوي” و “السياسي” في البيان الختامي للمؤتمر العاشر لـ “حزب حركة النهضة” وقد جاء الكلام التالي: “اختارت النهضة في هذا المؤتمر التخصص في الشأن السياسي على أن تعود مجالات الإصلاح الأخرى التربوية والثقافية والدينية للمجتمع المدني”.

وقد قدم المؤتمر، كما قدم راشد الغنوشي وغيره من رجال الحزب مبررات لهذا الفصل بالجدوى والنجاعة من جهة، وبتحرير المجال الديني من تقلبات السياسة من جهة أخرى، فقد جاء في بيان المؤتمر العام العاشر لحزب حركة النهضة ما يوضح ذلك، فقد جاء عن قضية “الجدوى والنجاعة” في شأن المجال السياسي: “يتخصص الحزب في إصلاح الحياة السياسية والحقل العام والإدارة والحكم والقانون ويسهم في إعادة بناء المشهد السياسي حول قيمة الوسطية ويتولى المجتمع المدني بكامل الاستقلالية القيام على بقية مجالات الإصلاح”، كما جاء في شأن المجال الديني: “إن تحرير القدرات المواطنية في الفضاء الديني ومجالات الإصلاح الأخرى سيحرر المشتغلين فيها من الانتظارية المعطلة ومن الارتهان لتقلبات السياسة”.

إن دعوى التخصص لا تكفي مبرراً لفصل المجال السياسي عن المجال الدعوي، يمكن أن تقيم عملك على أرقى قواعد التخصص للمجالين وتبقيهما تحت قيادة واحدة.

ومن قال إن فصلهما سيجعل المجال الديني في مأمن من التقلب السياسي، وهذا يحدث فقط عندما يتوقف الدعوي عند حدود المسجد ولا يتعداه، فيصبح مثل دور الراهب في الكنيسة المعاصرة، ولا شك أن الدعوي في الإسلام لا يتوقف عند حدود المسجد، بل يتعداه إلى السوق والإذاعة والتلفاز والأخلاق والمدرسة إلخ …، فعندئذ لا أظن أنه سيصبح في مأمن من السياسة.

إن الفصل بين “الدعوي”، و”السياسي” هو فصل غير معلن بين “الدين” و”الدولة”، ويصبح هذا المعنى متحققاً عندما نعلم أن راشد الغنوشي لا يرى تناقضا بين الإسلام والعلمانية التي تنادي بفصل الدين عن الدولة، فقد كتب راشد الغنوشي مقالاً بعنوان “الإسلام والعلمانية” بتاريخ 13-11-2008، وقد رددت عليه بمقال نشرته في الجزيرة.نت بعنوان “قراءة في مقال “الإسلام والعلمانية” للغنوشي” بتاريخ 16-3-2009، فندت فيه دعوى الغنوشي بإن الإسلام لا يتعارض مع العلمانية، وأثبت فيه أن الإسلام يتعارض حتى مع العلمانية الجزئية التي ميزها الغنوشي عن العلمانية الشاملة، وهو -أي راشد الغنوشي- قد تبع الدكتور عبد الوهاب المسيري في هذا التمييز والتقسيم الخاطئ.

فالغنوشي -كما هو واضح- في مقاله السابق، لا يستنكر الفصل الذي تقوم عليه العلمانية وهو: فصل الدين عن الدولة، بل يعتبر الإسلام يقوم على هذا، وهو يلتقي مع العلمانية في هذا الفصل، وبالتالي يجعلنا نقول إن هذا الفصل بين “الدعوي” و”السياسي” هو تطبيق للعلمانية التي تفصل “الدين” عن “الدولة” ولا يتعارض هذا مع الإسلام من وجهة نظره التي أوضحها في مقاله السابق “الإسلام والعلمانية”.

رابعاً- اعتبار الديمقراطية أساساً للدولة ومنهاجاً للحكم

راشد الغنوشي

صرح البيان الختامي للمؤتمر العاشر لـ “حزب حركة النهضة” بأنه سيعتمد الديمقراطية أساساً للحكم فجاء فيه القرار التالي: “يضمن الحياة الكريمة لكل التونسيين والتونسيات باعتماد الديمقراطية أساساً للدولة ومنهاجاً في إدارة الشأن العام” كما وردت عبارات أخرى تؤكد المعنى السابق نفسه في أكثر من موضع من البيان الختامي، ومنها: “وتعتبر النهضة أن عملها مندرج ضمن اجتهاد أصيل لتكوين تيار واسع من “المسلمين الديمقراطيين” الذين يرفضون التعارض بين قيم الإسلام وقيم المعاصرة” وجاء أيضاً “وتعني هذه الهوية الجديدة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلدنا وأمتنا تبنّي النهضة للديمقراطية التوافقية والحوار والتفاوض والبحث عن كلمة سواء في إدارة شؤون بلدنا ولأولوية المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية وعلى الاختلافات الإيديولوجية”.

الديمقراطية

وعند العودة إلى “مصطلح الديمقراطية” نجد أنه يقوم على محورين:

  • مبادئ، وهي تشمل نسبية الحقيقة، ومادية الكون، والفردية المطلقة، واعتماد المصلحة أو المنفعة أو اللذة في كل عمل، وتقديمها على الأخلاق في حال التعارض.
  • آليات، وهي تشمل انتخاب الحاكم، محاسبة المسؤولين، وإطلاق حرية الرأي، وإقامة الشورى، وحرية تشكيل الجمعيات والنقابات والأحزاب إلخ …

ونحن سنناقش المبادئ والآيات التي تقوم عليها الديمقراطية لنرى مدى قربها وبعدها عن الإسلام.

مبادئ الديمقراطية

1-نسبية الحقيقة:

أما نسبية الحقيقة فديننا يقوم على أربعة أنواع من النصوص، أحدها: النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة وهو يتعارض مع نسبية الحقيقة، ومعظم أحكام العقيدة والعبادة والاسرة والحدود والحلال والحرام مبنية على هذا النوع من النصوص، ولذلك فإن نسبية الحقيقة تتعارض مع أهم عوامل بناء الفرد المسلم والأمة المسلمة.

2-مادية الكون:

أما مادية الكون فهو الإيمان بالكون المحسوس المجرب المرئي المسموع إلخ…، أي الإيمان بعالم الشهادة، ولكن المسلم يؤمن بعالم الشهادة لكنه يؤمن بجانب ذلك بعالم آخر هو عالم الغيب، وهذا العالم يشمل وجود الله والجنة والنار والملائكة والشياطين والروح إلخ …، وهذا ما تتنكر له المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية.

3-الحرية الفردية المطلقة:

أما الحرية الفردية المطلقة فقد تصل إلى حد حرية قتل النفس، وإلى حد حرية التصرف بالأموال بحيث يورثها إلى كلب أو هر، وإلى حد حرية التلاعب بالجنس، واعتبار الذكر نفسه أنثى في وقت ثم العودة إلى اعتبارها ذكراً، والعكس بالنسبة للأنثى.

ليس من شك أن مثل هذه الحرية تصطدم مع الحرية الفردية التي أقرها الإسلام، والتي تراعي الفطرة وحاجات الفرد الجماعية والمجتمع والأمة.

4-اعتماد المصلحة أو المنفعة أو اللذة في أي عمل:

أما بالنسبة لاعتماد المصلحة أو المنفعة أو اللذة في أي عمل من الأعمال فهذا أمر مقبول، لكن المشكلة في أن الحضارة الغربية تعتمد المنفعة والمصلحة واللذة وتقدمها على الأخلاق في حال التعارض.

آليات الديمقراطية

 

فإذا تناولنا انتخاب الحاكم، فإننا نجد أبا بكر الصديق رضي الله عنه أخذ شرعيته من اختيار الأنصار والمهاجرين له في سقيفة بني ساعدة، ومبايعتهم له بعد ذلك. وإذا تناولنا المحاسبة فقد حاسب كل من الرسول صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب رضي الله عنه بعض ولاتهم، واستردوا منهم أموالاً لصالح بيت مال المسلمين.

وإذا تناولنا حرية الرأي فإننا نجد أن امرأة حاججت عمر رضي الله عنه في شأن المهور فقال:

أصابت امرأة وأخطأ عمر.

وإذا تناولنا المشاورة فقد شكل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مجلساً له من كبار الصحابة، كان يشاورهم في كل شؤون الخلافة، وسجل التاريخ أنه بقي الصحابة ردحاً من الزمن يتحاورون في شأن سواد العراق، هل يوزعونه على المتحاربين أم يبقونه مع أصحابه ويأخذون الخراج، وفي النهاية أخذ الصحابة بالرأي الذي يقول بإبقائه وأخذ الخراج لأن هذا الحكم يحقق عدة مصالح للمسلمين المعاصرين وللأجيال القادمة.

بعد استعراضنا لبعض الآليات التي تقوم عليها الديمقراطية وجدنا أنها مقبولة، ولها أصل في تاريخنا، وأقرتها بعض كتب السياسة الشرعية والأحكام السلطانية.

لم يبين راشد الغنوشي موقفه من محوري الديمقراطية: المبادئ والآليات، وإن كان الذي نتوقع منه أن يرفض المبادئ لأنها تتعارض مع الإسلام في كثير من أحكامها، وأن يقبل الآليات، لذلك فمن واجب راشد الغنوشي أن يقوم بالتوضيح السابق، وأن يبين الجوانب المقبولة من الديمقراطية والجوانب المرفوضة، وأن لا أن يبقي الموضوع دون جلاء وتوضيح وإذا لم يفعل ذلك، فإنه يكون قد وقع في محظور شرعي.

استعرضنا -فيما سبق- أهم الأفكار والمبادئ التي طرحها الشيخ راشد الغنوشي على المؤتمر العاشر لـ “حزب حركة النهضة”، والتي تمثلت: في التخلص من الشمولية، والخروج من عباءة “الإسلام السياسي”، والفصل بين “الدعوي” و”السياسي”، واعتماد الديمقراطية أساساً للحكم.

ليس من شك بأنها تغييرات ضخمة في مجال الحركة الإسلامية، وتمثل منعطفاً في مسيرتها، ولكنها انعطاف في الاتجاه غير السليم، وفي اتجاه الرضوخ لقيم الحضارة الغربية.

المقال نشر في موقع السورية نت قراءة في مؤتمر “حزب حركة النهضة” برئاسة الغنوشي

ظهرت المقالة قراءة في مؤتمر حزب حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%b6%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%86%d9%88%d8%b4%d9%8a/feed/ 0 2060
الجهاد عند التنظيمات الجهادية… رؤية غير فقهية https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a7%d8%af-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%b8%d9%8a%d9%85%d8%a7%d8%aa/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a7%d8%af-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%b8%d9%8a%d9%85%d8%a7%d8%aa/#respond Sat, 26 Dec 2015 04:28:14 +0000 https://al-ommah.com/?p=665 إذا رأينا أن “الجهاد” هو الجانب القتالي من الدين الذي يستخدم فيه المسلم بدنه وسلاحه، ويكون جندياً ضمن تشكيلات قتالية، فإننا نقر بأنه لم يكن غائباً عن الأمة في العصر الحديث. لقد شرع الله الجهاد في الدين الإسلامي، وعدّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- “ذروة سنام الإسلام”، وقد أبرزت كثير […]

ظهرت المقالة الجهاد عند التنظيمات الجهادية… رؤية غير فقهية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
إذا رأينا أن “الجهاد” هو الجانب القتالي من الدين الذي يستخدم فيه المسلم بدنه وسلاحه، ويكون جندياً ضمن تشكيلات قتالية، فإننا نقر بأنه لم يكن غائباً عن الأمة في العصر الحديث.

لقد شرع الله الجهاد في الدين الإسلامي، وعدّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- “ذروة سنام الإسلام”، وقد أبرزت كثير من الحركات الجهادية هذا الفرض، وأعطته حجماً أكبر من حجمه الذي أعطاه إياه الدين، ونحن سنرى كيف تضخم هذا الفرض عند الحركات الجهادية، وكيف تم استخدامه، ومدى صوابية هذا الاستخدام.

لقد تحدث عبدالسلام فرج المنظّر الأول للحركات الجهادية عن الجهاد، فعدّه “الفريضة الغائبة”، مع أن فرض الجهاد لم يكن غائباً عن الأمة في أية مرحلة من مراحل حياتها، حين كانت تستدعي هذه المرحلة الجهاد، فإذا رأينا أن “الجهاد” هو الجانب القتالي من الدين الذي يستخدم فيه المسلم بدنه وسلاحه، ويكون جندياً ضمن تشكيلات قتالية، فإننا نقر بأنه لم يكن غائباً عن الأمة في العصر الحديث.

الحاج محمد أمين الحسيني.

فلو ألقينا نظرة على العالم العربي -وحده- بعد سقوط الخلافة الإسلامية لوجدناه يموج بالثورات، ففي فلسطين ثورات لم تهدأ منذ احتلال الإنجليز لها عام 1920، إلى ثورة عام 1936 التي فجّرها عز الدين القسّام مع الحاج أمين الحسيني، إلى دخول الجيوش العربية عام 1948، وفي العراق هناك ثورة العشرين، وفي سوريا هناك ثورات الغوطة وجبل العرب وجبل الأكراد، وفي ليبيا هناك ثورات عمر المختار، وفي الجزائر هناك ثورات عبد القادر الجزائري وثورة عام 1954 التي أنهت الاحتلال الفرنسي للجزائر، وفي المغرب هناك ثورةعبد الكريم الخطابي، إلخ.

ورأى عبد السلام فرج أن الجهاد هو “السبيل الوحيد لعودة ورفع صرح الإسلام من جديد”، وهذا الكلام مبالغ فيه أصلاً، وفيه تسطيح لمسألة عودة الإسلام إلى القيادة والتأثير، فما كان الجهاد إلا وسيلة من الوسائل التي نحتاج إليها من أجل إعادة صرح الإسلام مرة ثانية.

ومما يؤكد أن قضية الجهاد مضخمة عند عبد السلام فرج هو أنه أفرد نصف كتابه للحديث عن أحكام تتعلق بالجهاد، فردّ على من قال إن الجهاد هو للدفاع فقط، وإننا نعيش في مجتمع مكي لذلك فلا جهاد علينا، وبيّن أن القتال فرض عين على كل مسلم، ثم بيّن نماذج من بيعة بعض الصحابة للرسول -صلى الله عليه وسلم- على الموت، وذكر نماذج من تحريض الرسول -صلى الله عليه وسلم- صحابته على القتال في سبيل الله، ووضح عقوبة ترك الجهاد.

وأورد أنه إذا تمترس جيش العدو بمن عندهم من الأسرى، فإن المسلمين يقاتلون جيش العدو، وإن أفضى ذلك إلى قتل الأسرى، ثم نقل من السيرة بعض فنون القتال التي وردت في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي بعض سرايا الرسول كسرية كعب بن الأشرف في السنة الثالثة للهجرة، وسرية عبد الله إلى أبي سفيان في السنة الرابعة للهجرة، وقصة نعيم بن مسعود في غزوة الأحزاب.

ثم نرى عبد السلام فرج مال إلى الآراء التي تبرز الجهاد والقتل والسيف في كل الأمور التي تحدث فيها، فهو عدّ أن آية السيف، وهي قول الله تعالى: “فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد”، نسخت 114 آية في 48 سورة، مع أن كثيراً من المفسرين والأصوليين لا يوافقون على هذا الرأي.

ورد عبد السلام فرج على القول الذي يرى أن الجهاد واجب في فلسطين، وعدّ هذا القول خاطئاً ومضيعة للوقت، وأن علينا أن نركز على قضيتنا وهي إقامة شرع الله، ثم تأتي قضية مقاتلة إسرائيل والاستعمار، وليس من شك في أنه أخطأ في ذلك، وجاء خطؤه من خطئه في تشخيص الوضع بعد مجيء اليهود والاستعمار.

عبد الحميد الثاني. هو خليفة المسلمين الثاني بعد المائة والسلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية.

فصحيح أن الدولة الإسلامية سقطت بعد سقوط الخلافة عام 1924، لكن الأمة ما زالت موجودة وقائمة، وحتى في ظل الحكام الذين لا يطبقون شريعة الله، وأن المحافظة على قوة الأمة وغناها وشوكتها ووحدتها وأرضها لهو أمر شرعي يتطلبه الدين، لأن هذه الأمة هي الرصيد الذي يستند إليه الدعاة في عملهم، ويبنون عليه حركاتهم، ويستمدون منه جمهورهم، عدا عن أن دفاع المسلم عن أرضه وعرضه وماله مما شرعه الدين، فهذا الخطأ في التشخيص هو الذي جعله يقع في الحكم الخاطئ.

لذلك، فإننا نعتقد أن الرأي الأصوب هو تحميل المسلم واجبين: الأول هو السعي إلى إعادة تطبيق شرع الله، والثاني مقاتلة المعتدين المحتلين لأرضه من مستعمرين وصهاينة، وعليه أن يقوم بهذين الواجبين في الوقت نفسه.

إن مشكلة الحركة الإسلامية هو ضعف المراجعات بشكل عام، وأشدها عند الحركات الجهادية، فلو أن هناك مراجعات لما كتبه عبد السلام فرج وغيره من المنظرين الجهاديين، لما تكررت الأخطاء والتعثرات كما هو واضح من مسيرة الحركة الجهادية الآن.

ومما يؤكد تكرار الأخطاء العودة إلى كتاب “إدارة التوحش”، وهو الكتاب الثاني الذي صحت نسبته إلى “القاعدة” بعد كتاب “الفريضة الغائبة” لعبد السلام فرج.

وعند دراستنا كتاب “الفريضة الغائبة” وجدنا أن الخطأ الأبرز هو تضخيم “حكم الجهاد”، وعند دراستنا كتاب “إدارة التوحش” سنجد أنه وقع في الخطأ نفسه، وهو تضخيم “حكم الجهاد”، وسنوضّح ذلك في السطور التالية.

لقد تم تشكيل “الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين” بين حركتي “القاعدة” و”الجهاد” اللتين يرأسهما أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في 23/2/1998، ثم جاءت بعد ذلك العملية المزدوجة في تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام في 7/8/1998، والتي كانت ثمرة لتشكيل “قاعدة الجهاد” وخطوة في تحقيق أهداف التنظيم الجديد.

وذكر كتاب “إدارة التوحش” أن القاعدة أقدمت على هذه العملية من أجل تحقيق عدة أهداف، هي:

إسقاط جزء من هيبة أميركا وبث الثقة في نفوس المسلمين أولا، وتعويض الخسائر البشرية التي منيت بها حركة التجديد في الثلاثين عاماً الماضية عن طريق مد بشري ثانيا.

وأمام هذه الأهداف نتساءل: لماذا ذهبت قيادة القاعدة إلى تحقيق هذه الأهداف من خلال عمليتي نيروبي ودار السلام عام 1998، وفيما بعد من خلال عمليتي نيويورك وواشنطن عام 2001؟

لماذا لم تتجه إلى تحقيق تلك الأهداف من خلال تدعيم دولة طالبان، وإنجاحها وتقديمها كنموذج فعال وحيوي في أعين المسلمين؟ خاصة أن قيادة القاعدة جاءت بإرادتها إلى أفغانستان مؤمنة بصوابية حركة طالبان، مبايعة لقائدها الملاّ محمد عمر، وقامت بكل أعمالها من الإعلان عن انبثاق “قاعدة الجهاد”، مروراً بتفجيري نيروبي ودار السلام وانتهاءً بتفجيرات نيويورك وواشنطن في ظلال وحماية دولة طالبان.

ولنناقش كل هدف من الأهداف التي رسمتها القاعدة لعملية نيروبي ودار السلام، وكيف كان يمكن أن يتحقق بشكل أفضل من خلال تدعيم دولة طالبان، والوقوف إلى جانب قيادتها. من المؤكد أن نجاح دولة طالبان كنموذج في أرض الواقع يجسد قيم الإسلام التي تتمثل في فرد ذي بناء نفسي متوازن فعّال وحيوي، ومجتمع مزدهر اقتصادياً وزراعياً وصناعياً، ويجسّد -أيضاً- هذا المجتمع قيم العدالة والمساواة، كما جسدها مجتمع الصحابة، ويحقق العلاقة السليمة بين القيادة وجمهور الشعب التي تقوم على الشورى وعلى محاسبة الحاكم، وعلى حرص الحاكم على مصالح الأمة، وعلى الثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم كما جسدها الخلفاء الراشدون.

أليس تحقيق هذا النموذج على أرض الواقع هو الذي يسقط هيبة أميركا من قلوب المسلمين؟ ليست أميركا فحسب بل كل الحضارة الغربية، وهي الحضارة التي تفتن رهطاً كبيراً من المسلمين في الوقت الحاضر.

أليس إحياء هذا النموذج وتقديمه بشكل مشرق في مجال الفرد المسلم، والدولة المسلمة، والمجتمع المسلم الذي يتحلى بأروع صفات الحب والتلاحم والطهر والعفاف والغنى والاستقامة هو الذي يجعل الشباب المسلم يهرع إلى هذه الدولة بالمئات بل بالآلاف؟

لماذا لم تنتبه القاعدة إلى مثل هذه المعاني، وتتجه إلى تدعيم النموذج في طالبان بدلاً من أن تذهب إلى تفجيري نيروبي ودار السلام، أو تفجيرات نيويورك وواشنطن؟

أعتقد أن السبب في ذلك واضح وهو تضخيم حكم الجهاد عند القاعدة، واحتلاله مساحة أوسع من المساحة التي يجب أن يأخذها في العملية البنائية، وهو الذي جعلها تخطئ الطريق.

الخلاصة

مجاهدو طالبان.

عند استعراضنا كتاب “الفريضة الغائبة” لمنظّر الجهاديين الأول عبد السلام فرج وجدنا أن الكتاب ضخّم حكم الجهاد، وظنّ أن الجهاد -وحده- هو الذي يعيد صرح الإسلام، وهذا فهم قاصر ورأي خاطئ.

ثم رأينا الخطأ يتكرر مع “القاعدة” في كتاب “إدارة التوحّش”، فإن تضخّم حكم الجهاد عندهم هو الذي جعلهم يذهبون إلى تفجيري نيروبي ودار السلام من أجل تحقيق أهداف كان بالإمكان تحقيقها من خلال تدعيم دولة طالبان التي جاؤوا إليها مختارين مبايعين.

رابط المقال في الجزيرة نت “الجهاد” عند التنظيمات الجهادية … رؤية غير فقهية

ظهرت المقالة الجهاد عند التنظيمات الجهادية… رؤية غير فقهية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a7%d8%af-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%b8%d9%8a%d9%85%d8%a7%d8%aa/feed/ 0 665
ميثاق العمل الإسلامي https://www.al-ommah.com/%d9%85%d9%8a%d8%ab%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a/ https://www.al-ommah.com/%d9%85%d9%8a%d8%ab%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a/#comments Thu, 19 Sep 2013 07:22:18 +0000 http://onlinedawa.org/alommah/?p=213 يمثل هذا الميثاق آراء وأحكاما شرعية تلتقي عليها فصائل العمل الإسلامي التي تعمل في ساحة الثورة السورية، وتتعاهد هذه الفصائل أن يكون هذا الميثاق دليلا يقودها إلى التعاون على البر والتقوى كما قال تعالى: “وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان” (المائدة،2). ويزيد الالتحام بينها لتصبح كالبنيان المرصوص […]

ظهرت المقالة ميثاق العمل الإسلامي أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
يمثل هذا الميثاق آراء وأحكاما شرعية تلتقي عليها فصائل العمل الإسلامي التي تعمل في ساحة الثورة السورية، وتتعاهد هذه الفصائل أن يكون هذا الميثاق دليلا يقودها إلى التعاون على البر والتقوى كما قال تعالى:

“وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان” (المائدة،2).

ويزيد الالتحام بينها لتصبح كالبنيان المرصوص كما قال تعالى:

“إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ” (الصف،4)

أولاً: في المنهج:

1.    الكتاب والسنة الصحيحة بفهم سلف الأمة وعلمائها الموثوقين يمثل المرجع الأساسي في كل الأمور الشرعية المقررة والمستجدة.
2.    الالتزام بالأحكام القطعية المتفق عليها، وبذل غاية الجهد والاجتهاد في معرفة الحق في الأحكام الظنية وما اختلف فيه العلماء وذلك من خلال إعمال القواعد الأصولية التي أفرزها علم أصول الفقه.
3.    الحرص على الاعتصام بحبل الله وتوحيد الصفوف والقلوب استجابة لقول الله تعالى “وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ”( آل عمران 103)، والحذر من الفرقة والتنازع لأن هذا من أعظم أسباب الفشل كما قال سبحانه وتعالى: “وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَب رِيحكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ”( الأنفال، 46)
4.    لا عصمة لفصيل من فصائل العمل الإسلامي، بل العصمة لمجموع الأمة.
5.    نحن نعتمد منهج الوسطية والاعتدال في الاجتهاد، فنحن لا نغلو في الدين، وما ينتج عنه من تساهل في أمر الدماء والأموال بغير حق شرعي، ونرفض مسالك الإرجاء وتحريف النصوص، وإفراغها من دلالاتها.
6.    إن العدل في الحكم على الأشخاص والأفكار مما يحمي العلاقة بين الروابط والهيئات والجماعات والعلماء، فقد قال تعالى:”يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى” (المائدة : 8)
7.    الاختلاف في الاجتهاد داخل قضايا الإسلام يجب أن لا يؤدي إلى تنازع وخصام، وكل مسأله أوجبت القطيعة والعداوة ليست من مسائل الإسلام.
8.    موقفنا من المفاهيم الغربية كالديمقراطية والمدنية إلخ.. هو تحديد مضمونها أولاً، ومعرفة العناصر المكونة لها ثانياً، وأخذ ما هو موافق للشرع منها، ورفض ما هو مخالف له ثالثاً.
9.    من وقع في الكفر لا يلزم أن يكون مستحقا للتكفير لاحتمال وجود بعض الموانع من الجهل أو التأويل أو الخطأ أو إقامة الحجة أو رفع الشبهة.

ثانياً: عن دور العلماء وروابط العلماء:

10.    اجتهاد آحاد العلماء وروابط العلماء فيما يستجد من مسائل ونوازل يحتمل الإصابة والخطأ، ويكون اقترابها من الحق على قدر صلتها بدلائل الكتاب والسنة.
11.    العلماء وروابط العلماء يجب أن تقود الشعب السوري، ولن يتحقق لهم ذلك إلا بسعة العلم وعمقه، وبأن يكونوا ربانيين في أقوالهم وأفعالهم، وبأن يلتزموا منهج الأنبياء الذين زكاهم الله بقوله: “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ” (الأحزاب، 39)
12.    يجب على العلماء وروابط العلماء أن تنشر العلم الديني بين جماهير الأمة في سورية، وتحذّر من الوقوع في الشرك والكفر، أن تفصّل في الحديث عن كفر النوع من أجل تحذير الأمة من الوقوع فيه، ولكن عليها أن تحتاط في تكفير المعين، ولا تفعل ذلك إلا عند الضرورة.
13.    يجب على العلماء وروابط العلماء أن تتمسك بالحق وتتجنب التعصب للأشخاص والجماعات، فالحق يقبل ممن  قاله كائنا من كان، والخطأ يرد على صاحبه كائنا من كان.
14.    الحراك السياسي العام للعلماء وأهل الدين في المجتمعات ذات التنوع الثقافي ينبغي أن يكون حراكا ً إسلاميا ً وليس حراكا حزبيا ً، ولا يصلح دخول أهل الدين فيه وهم أوزاع متفرقون، لا يضبطهم ضابط، ولا يجمع شتات مواقفهم جامع، فإذا لم يتسن الانطلاق في مسيرة واحدة فلا أقل من أن يكون حراكهم العام عن رضا وتشاور من الجميع من خلال التحاور والتنسيق.
15.    يجب التفريقُ في مقام الدعوة بين مداراةِ الناس بقصد الرفق والإصلاح، وبين المداهنة والسُّكوتِ عن الحقِّ وكتمانه الذي يوقع في مخالفة ميثاق الله تعالى على العلماء،والتفريق بين المداراة والمداهنة يحتاج إلى علم وتثبتٍ وورع

ثالثاً: في المجال السياسي:

16.    الشعب السوري جزء من الأمة العربية الإسلامية الواحدة، وينبغي أن تعزز روابط العلماء هذه الوحدة من خلال برامجها التي ترسمهاا وتطبقها.
17.    من الثابت عندنا أن حزب البعث الذي أوصل آل الأسد إلى الحكم استهدف عند وصوله إلى الحكم استئصال الإسلام والتدين من حياة الشعب السوري ونشر العلمانية والمادية التي تنكر الغيوب وتعتبر التدين تخلفا وانحطاطا، ونحن كروابط العلماء -نلتقي الآن- لمحو آثار الانحراف السابق من جهة، ولإعطاء الدين وضعه الطبيعي في حياة الشعب السوري من جهة ثانية.
18.    لقد حاول الحكم الأسدي المجرم خلال الأربعين سنة الماضية إفساد العقول والقلوب، وحاول التشكيك في كثير من القيم والمبادئ الإسلامية، ونحن في روابط العلماء سنضع هذا الإفساد والتشكيك أمام أعيننا، ونضع له البرامج التي تمحو آثاره وتشفي من علله.
19.    الرفض القاطع لتجزئة سورية أو تقطيعها على أساس عرقي أو طائفي.
20.    اعتماد التشاور في كل مستويات العمل الشعبي والرسمي، وفي كل المؤسسات الأهلية والرسمية.
21.    التأكيد على العلاقة التكاملية بين الرجل والمرأة، وأن لكل منهما حقوقاً وواجبات قدرتها الشريعة الإسلامية مع مراعاة خصوصيات كل منهما.
22.    الغاية المرحلية التي نسعى لها هي إزالة الحكم الحالي، أما الغاية النهائية التي نسعى لها فهي تحكيم الإسلام بشموله في كل مناحي الحياة.

رابعاً: قواعد شرعية تحكم الثوار والثورة:

23.    لا يجوز التحالف أو العمل بشكل منفرد مع أي دولة أجنبية أو جهة استخبارية، ويجب الالتزام بما تقرره القيادة السياسية المتعاونة مع مكتب التنسيق.
24.    الرفض القاطع لمحاولة الغرب لتصنيف أي من الحركات أو التجمعات السورية ضمن قائمة الإرهاب أو غير ذلك بقصد  إقصائها، ومنع التواصل معها، وإننا نعتقد أن هذا الأمر يجب أن يترك للقيادات السورية: السياسية والعلمائية لتقرر ذلك.
25.    تحريم الاقتتال الداخلي بين الفصائل العاملة على أرض سورية قبل وبعد سقوط النظام، وأي خلاف عملي يجب أن يعرض على مكتب التنسيق لحله.
26.    الدم والمال والعرض مصان لكل مسلم أو مسالم على الأرض السورية، وهو محرم حرمة قطعية ولا يجوز المساس به.
27.    العدل والإحسان هما الأصل في علاقة السوريين بعضهم على اختلاف انتماءاتهم وأديانهم ومذاهبهم، ويجب الابتعاد عن الظلم بكل صوره وأشكاله.
28.    هناك ثلاثة شروط تمثل الحد الأدني المقبول لإلقاء السلاح:
الأول: إزالة كافة رموز النظام الأسدي.
الثاني: إزالة المنظومة الأمنية.
الثالث: فتح المجال للدعوة الإسلامية من أجل أن تخاطب جميع السوريين.
29.    أحرار سوريا بمجموعهم -بثوارهم وعلمائهم ومفكريهم- يدعمون القيادة السياسية للمعارضة السورية طالما سعت إلى تحقيق أهداف الثورة المتفَق عليها، فإذا خالفَت وجب النصح والتصويب بالرفق وأدب الحوار، فإن أصرّت على المضيّ في طريق يخالف اختيار الشعب ومصلحة الثورة وجب خلعها والتبرؤ منها علانية.

خامساً: قواعد تحكم الدولة المرتقبة:

30.    يجب أن يعبر الدستور المرتقب عن مقاصد الدين الخمسة وحاجات الأمة وأن لا يتضمن أية مواد مخالفة لقيم الإسلام ومبادئه وشرائعه.
31.    حرية الاعتقاد مكفولة لجميع أبناء سورية، ولا يجوز استخدام الإكراه وسيلة لغرض رؤية أو عقيدة على فرد أو طائفة تصديقاً لقوله تعالى: “لا إكراه في الدين”.
32.    نعلن بأن الانتخاب وصناديق الاقتراع هي إحدى الوسائل التي يجب أن نعتمدها من أجل حصول المسؤولين على شرعيتهم في حكم البلاد.
33.    نعتقد بأهمية أن يخضع المسؤولون للمحاسبة والمراقبة في دولتنا القادمة، ونعتقد بأهمية الفصل بين السلطات الثلاث.
34.    استشعار أمانة المسؤولية، والتأكيد على النزاهة الإدارية والمالية، وإخضاع المسؤولين للرقابة والمحاسبة المستمرة، وتجسيد كل ذلك بالتشريعات اللازمة، وإطلاق يد القضاء في تحقيق ذلك.
35.    إن معالجة النقص والأمراض والهفوات لدى الأفراد والجماعات تأتي  من خلال قواعد التقويم والمراجعة، وواجب التناصح، وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
36.    أخوة الدين وأخوة النسب وأخوة الإنسانية روابط مقررة ومعترف بها في العيش المشترك القادم بين السوريين انطلاقاً من قوله تعالى: “إنما المؤمنون إخوة”(الحجرات،10) ومن قوله تعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا”(الحجرات،13) ومن قوله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم..”(الإسراء،70)
37.    نعتقد بأن الأمة القوية هي التي تمتلك دولة قوية ومجتمعاً قوياً، والمجتمع القوي الذي يمتلك مؤسسات أهلية متنوعة وفاعلة في المجال الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والوقفي والسياسي و..إلخ… لذلك سنسعى في دولتنا السورية القادمة تفعيل الجناحين: الدولة والمجتمع.
38.    العدالة تقتضي محاسبة المجرمين والمشاركين في الجريمة من أي فئة أو طائفة كانوا، ولا يكون استقصاء العدالة وتنفيذُها إلا من خلال مؤسسات القانون الرسمية في الدولة السورية الجديدة، والمحاسبةُ تقتصر على المجرمين فلا يجوز أن تتجاوزهم إلى أهاليهم أو طوائفهم، مهما تكن الطوائف التي ينتمون إليها.

ظهرت المقالة ميثاق العمل الإسلامي أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%85%d9%8a%d8%ab%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a/feed/ 1 213
واجب الإسلاميين في تونس ومصر https://www.al-ommah.com/%d9%88%d8%a7%d8%ac%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d9%8a%d9%86/ https://www.al-ommah.com/%d9%88%d8%a7%d8%ac%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d9%8a%d9%86/#respond Thu, 11 Oct 2012 00:24:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1717 سقطت الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى عام 1924، واستكملت أوروبا استعمار العالم العربي، فاستعمرت إنجلترا العراق وفلسطين والأردن، واستعمرت فرنسا سوريا ولبنان، وجاء هذا بعد أن استعمرت فرنسا وإنجلترا دول الجزائر وتونس والمغرب ومصر وعدن في القرن التاسع عشر، ثم أصبحت الدول العربية المستعمرة بين مشروعين:  الأول: تقوده الدول […]

ظهرت المقالة واجب الإسلاميين في تونس ومصر أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
سقطت الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى عام 1924، واستكملت أوروبا استعمار العالم العربي، فاستعمرت إنجلترا العراق وفلسطين والأردن، واستعمرت فرنسا سوريا ولبنان، وجاء هذا بعد أن استعمرت فرنسا وإنجلترا دول الجزائر وتونس والمغرب ومصر وعدن في القرن التاسع عشر، ثم أصبحت الدول العربية المستعمرة بين مشروعين: 

الأول: تقوده الدول المستعمِرة وأوروبا، فأنشأت الدولة الوطنية بهدف تغريب الأمة ثم قادته القيادات القومية، ومر المشروعان بمرحلتين: الأولى: رأسمالية، والثانية: اشتراكية.

الثاني: مشروع تقوده قيادات دينية يهدف إلى إعادة الخلافة وإلى إعادة تطبيق الشريعة في كل شؤون المجتمع، مع اختلاف الأساليب في مختلف البلاد العربية والإسلامية: فأنشأ حسن البنا الإخوان المسلمين في مصر، وأنشأ أبو الأعلى المودودي الجماعة الإسلامية في باكستان، وأنشأ تقي الدين النبهاني حزب التحرير في فلسطين إلخ…، ثم نشأت أحزاب وجماعات أخرى على مدار السنين التالية… إلخ.

واستمر الصراع بين المشروعين لمدة قرن كامل، ثم جاء الربيع العربي الذي يعتبر أحد تجليات الصراع بين هذين المشروعين، فما الذي يعنيه الربيع العربي؟ يعني أمرين:

الأول: فشل المشروع القومي في تغريب الأمة ووصوله إلى طريق مسدود.

الثاني: تجذر الإسلام في كيان هذه الأمة التي عبرت عنه باختيار الإسلاميين في البلدان العربية التي جرت فيها الانتخابات كتونس ومصر والمغرب… إلخ، مع أنهم كانوا مضطهدين وملاحقين أمنيا في المرحلة التي سبقت الربيع العربي، ولم يكونوا مهيئين لخوض الانتخابات.

والآن ما الذي يريده الغرب من هذه الأحزاب الإسلامية؟ وما الذي يجب أن تقوم به على ضوء نشأتها ومسارها وتاريخها وظروف المنطقة؟

يريد الغرب من هذه الأحزاب الإسلامية أن تصبح كالأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا، أو كحزب العدالة والتنمية في تركيا، بمعنى أن يصبح النظام الديمقراطي العلماني الليبرالي هو المرجعية العليا، وأن تصبح قيمه هي التي تسود الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية… إلخ، وأن يحتفظ الأشخاص بسلوكهم الديني في محيطهم الخاص دون نقله إلى الفضاء العام.

إننا نعتقد أن هذا التوجه سيفشل لسبب رئيسي هو أن الأمة قد جربت النظام الديمقراطي بعد الحرب العالمية الأولى في عدد من البلدان العربية، وقد طبق النظام الديمقراطي في بلدين رئيسيين من العالم العربي هما: مصر والعراق، وفي غيرهما من البلدان العربية مثل لبنان والسودان وسوريا وتونس إلخ، ومع ذلك فإنه لم يترسخ، والسبب في ذلك أنه لم يتلاءم في بعض معطياته مع شخصية الأمة العربية الإسلامية التي حكمها، والأرجح أن بعض قيمه التي يقوم عليها مثل: نسبية الحقيقة، والحرية المطلقة للفرد، واعتبار أن الكون مادة لا روح فيها، وتقديم المنفعة والمصلحة واللذة على الأخلاق إلخ…، تصطدم مع كثير من القيم التي تقوم عليها أمتنا وثقافتنا وشخصيتنا، فنسبية الحقيقة تصطدم مع أحكام العبادة والعقيدة الثابتة إلى قيام الساعة، واعتبار الكون مادة فقط يصطدم مع إيمان المسلم بعالم الغيب، وحرية الفرد المطلقة في البيع والشراء والتملك وغيرها تصطدم مع القيود التي فرضها الإسلام على حرية الفرد من أجل مصلحة الجماعة… إلخ.

وقد أشار حسن البنا في إحدى رسائله إلى بعض القوانين المخالفة للإسلام مثل قوانين إباحة الربا والخمر والزنا… إلخ، وتحدث عن ضرورة محاربة هذه القوانين والتوصل إلى إلغائها، والتي جاءت ثمرة من ثمرات النظام الديمقراطي الذي حكم مصر بين عاميْ 1919-1952.

من الواضح والجلي أن النقل الحرفي للتجربة الديمقراطية الغربية هو أحد أسباب فشلها، لأن ما يصلح للغرب ليس بالضرورة يصلح لأمتنا العربية الإسلامية، لذلك أعتقد أنه من الضروري أن يقوم المفكرون الإسلاميون والجماعات والأحزاب الإسلامية بعدة مراجعات لبعض الفترات التاريخية، واعتماد بعض الحقائق الفكرية عن الواقع في عدة مجالات قبل إقرار النظام السياسي بشكل نهائي، ويجب أن تشمل المراجعات واعتماد الحقائق الأمور التالية:

الأول: تقويم دقيق وشامل للتجربة الديمقراطية في مصر والعراق بين الحربين العالميتين.

الثاني: رصد الاختلافات بين مجتمعنا والمجتمع الغربي، وأبرز هذه الاختلافات تتجسد في الموقف من الدين، فدور الدين سلبي في الكيان الغربي وإيجابي عندنا، والدولة أقوى من المجتمع في الغرب، في حين أن المجتمع أقوى من الدولة عندنا.

الثالث: الوعي بأن الديمقراطية نظام سياسي مناسب لأوروبا والغرب، وهو حصيلة التجربة الغربية لمدة قرون، فالنظام الذي يناسب الغرب ليس بالضرورة مناسباً لنا، بل تجب محاولة تطويره ليكون متناسباً مع واقعنا وشخصيتنا الحضارية.

الرابع: العلم بأن الحضارة الغربية ليست خيراً كلها، بل تمر بأمراض وأزمات، وحكماؤها ومفكروها يرصدون تلك الأمراض والأزمات، وعلينا ألا ننقل تلك الأمراض والأزمات إلى واقعنا، بل من الحكمة والعقل تجنب تلك الأمراض والأزمات.

الخامس: وعي تجربتنا التاريخية السياسية، وفرز بعض عناصرها الإيجابية مثل “نظام أهل الحل والعقد”، وقاعدة المحاسبة التي تتجسد في مبدأ: “من أين لك هذا؟” الذي طبقه عمر بن الخطاب… إلخ، ومحاولة تطويرها بما يناسب العصر.

السادس: الوعي بأن هناك أمة قائمة هي الأمة العربية الإسلامية، وهي ذات لغة واحدة وتاريخ واحد، ولها ثقافة واحدة، وذات عادات واحدة، وتقاليد واحدة… إلخ، وهذه الأمة تحتاج دولة ترعى كيانها، وتعزز قوتها، وتعلي شأنها، وتحفظ وحدتها، وتدرأ الشرور عنها… إلخ، ومن الطبيعي أن يستهدف الإسلاميون -الذين نجحوا في مصر وتونس على مختلف توجهاتهم- إقامة هذه الدولة بعد نجاحهم في انتخابات الربيع العربي، لأن نشأتهم كانت من أجل تحقيق هذا الهدف، ولأن الأمة أنجحتهم من أجل إنجاز هذه الخطوة.

السابع: بعد أن سقطت الخلافة وقامت دول في مختلف أنحاء العالم العربي تطبق المنهج الرأسمالي الديمقراطي القومي الليبرالي بعد الحرب العالمية الأولى، ثم طبقت المنهج الاشتراكي القومي بعد الحرب العالمية الثانية، بقي -في كلا الحالين- تطبيق بعض تعاليم الإسلام في بعض جوانب الحياة كأمور الزواج والطلاق وأمور الأوقاف… إلخ.

فهي لم تستطع أن تلغي كل أمور الشرع الإسلامي من واقع المجتمع، والآن فإن الإسلاميين في تونس ومصر بين خيارين: إما زيادة مساحة التشريعات المطبقة، وإما تطبيق التشريع الإسلامي بشكل كامل على مختلف نواحي الحياة، وإذا لم تقم الجماعات الإسلامية بهذه الخطوة -وهي تطبيق التشريع الإسلامي بشكل كامل- فإنها لا تكون قدمت شيئاً جديداً للأمة.

والآن، ما واجب الوقت على الجماعات الإسلامية بشكل عام، وفي تونس ومصر بشكل خاص، على ضوء الوقائع السابقة؟ إن واجب الوقت على الجماعات والأحزاب الإسلامية هو أن تجعل الإسلام المرجعية التي تحتكم إليها الدولة والنظام والشعب في كل الشؤون: السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتربوية… إلخ.

وهي عندما تفعل ذلك إنّما تلبي حاجة يتطلبها الواقع المحيط بها، وبذلك تنهي فترة التعثر والاضطراب الذي عاشته الأمة خلال القرن الماضي وأدى إلى عدم تحقيق النهضة، وذلك بسبب التنكر لواقع الأمة الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي القائم على الإسلام.

ليس هذا فحسب، بل أدى عدم جعل الإسلام المرجعية الأولى للدولة إلى تفتيت عامل وحدة الأمة الثقافي، وهو أهم عامل من عوامل وجودنا الذي يقيم أمتنا ويميزها ويعطيها التماسك والفعالية، وهو ما يجب أن نحرص عليه ونسعى لعدم تفتيته.

ومن أبرز الحجج التي تقدم من أجل منع تحكيم الإسلام في كل شؤون حياتنا مراعاة الأقلية الدينية المسيحية التي ليس الإسلام ديناً لها، وإذا راعينا هذه الأمر فإننا سنخرج الأقليات العرقية من جامع الوحدة، ففي كل الأحوال لن تتحقق الوحدة بشكل كامل فلا بد من وجود أقلية، وحتى في حال تحكيم الإسلام فإن الأقلية الدينية المسيحية ليست بعيدة عن الشخصية الحضارية للأمة، فهي موجودة منذ قرون، وتفاعلت مع معطيات وعوامل هذه الشخصية وباتت جزءاً منها، وأعتقد أن المشكلة في التدخل الغربي الذي يوجد التفرقة، ويحرض عليها، ولا يريد الخير والاستقرار لأمتنا، بل ما زال يتعامل معها بأحقاده الصليبية.

الخلاصة: استهدفت الحركات الإسلامية التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى إعادة الخلافة، وتصارعت مع المشروع القومي العربي الاشتراكي، وجاء الربيع العربي ليؤكد وصول المشروع القومي العربي إلى طريق مسدود بعد أن فشل في إقامة النهضة، وليؤكد تجذر الإسلام في كيان الأمة، ويريد الغرب من الأحزاب الإسلامية التي تصدرت الربيع العربي أن تصبح مثل الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا، وأن يرسخ النظام الديمقراطي الليبرالي العلماني.

ولكنني أرجح أن هذا التوجه سيفشل كما فشلت الديمقراطية في العراق ومصر بعد الحرب العالمية الأولى، لذلك فإن المطلوب من الأحزاب الإسلامية في تونس ومصر أن تجعل الإسلام مرجعية الحكم في كل شؤون المجتمع الاقتصادية والثقافية والتربوية والفكرية… إلخ، لأن هذا سيحدث تطابقا بين الأمة والدولة، ويضعنا على سكة النهضة والحضارة، ويقلل احتمال الفشل. “

ظهرت المقالة واجب الإسلاميين في تونس ومصر أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%88%d8%a7%d8%ac%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d9%8a%d9%86/feed/ 0 1717
التيارات الإسلامية (السلمية) في الأردن https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%af%d9%86/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%af%d9%86/#respond Thu, 17 Feb 2011 01:36:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=2287 إن أبرز التيارات الإسلامية السلمية في الأردن ثلاث، هي: السلفيون، وجماعة التبليغ، والإخوان المسلمون، وسنتناول هذه التيارات تيارًا بعد الآخر. أولا: التيار السلفي: يقوم التيار السلفي في الأردن على الإهتمام بالعقيدة، واتباع السنة، وتنقية الأحاديث الصحيحة من الضعيفة والموضوعة، ومحاربة البدع إلخ…، وهو في هذا يلتقي مع التيار السلفي العام […]

ظهرت المقالة التيارات الإسلامية (السلمية) في الأردن أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
إن أبرز التيارات الإسلامية السلمية في الأردن ثلاث، هي: السلفيون، وجماعة التبليغ، والإخوان المسلمون، وسنتناول هذه التيارات تيارًا بعد الآخر.

أولا: التيار السلفي:

يقوم التيار السلفي في الأردن على الإهتمام بالعقيدة، واتباع السنة، وتنقية الأحاديث الصحيحة من الضعيفة والموضوعة، ومحاربة البدع إلخ…، وهو في هذا يلتقي مع التيار السلفي العام من ناحية، والمرجعيات والاهتمامات، وامتداد له ومستفيد منه من ناحية ثانية. ومما ساعده على التجذر في الأردن، والانتشار الأفقي هجرة الشيخ ناصرالدين الألباني الى الأردن إثر الأحداث التي وقعت في سورية والتي اضطر فيها كثير من الإسلاميين إلى مغادرة سورية في نهاية السبعينات، فشكل الشيخ ناصر الدين الألباني نقطة استقطاب، فقد التف حوله كثير من الشباب الذي تتلمذوا على يديه، ونقلوا أقواله وآراءه وفتاويه واجتهاداته إلى مختلف الأحياء والمدن.

من الواضح أن التيار السلفي يقوم على نشر العلم الشرعي، وتعميق الوعي الديني، ولايهتم بحركة وواقع الأمة، وليست لديه أي تشخيص لواقع الأمة الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعقلي والنفسي إلخ…، وليست لديه أية خطة تفصيلية لمواجهة الأمراض التي تعرقل نهوض الأمة، وتؤخر مسيرتها.

كما أنه التيار السلفي لا يعلم الحضارة الغربية علما تفصيليا، وهذا القصور في العلم يجعله لا يحسن التعامل مع الواقع المحيط به، لأن العلم بتفصيلات الحضارة الغربية والأسس التي قامت عليها، وفرز إيجابياتها وسلبياتها، ليس من نافلة العلم، إنما هو من الواجبات في هذا العصر، لأن الحضارة الغربية تغلغلت في كل نواحي حياتنا الثقافية والفكرية والتربوية والنفسية والفنية إلخ…، لذلك من الواجب معرفة الصواب والخطأ فيها، والنافع والضار منها وذلك من أجل توجيه أبناء أمتنا الى ما ينفعهم، ويحافظ على هويتهم، ويسعدهم في دنياهم ويعلي مكانتهم في آخرتهم إلخ…

من الجدير بالملاحظة أن التيار السلفي توقف عندما أفرزه التراث في المجال العلمي من مقولات وأقوال، وليست عنده أي اضافات جديدة، ذات قيمة علمية، وذلك لسببين:

الأول: عدم توجهه إلى تغيير الواقع، فالتوجه الى تغيير الواقع يفرز علوما جديدة ناشئة من تعمق الواقع، وتحليل مناصرة، واصدار أحكام شرعية عليه، ثم يأتي استهداف التغيير فيتطلب تركيب الأحكام، ويمكن أن يفرز تحليل الواقع، والتوجه الى تغيير ثقافته، تستفيد من التراث، لكنها تضيف إليه وتثريه، وتغنيه.

الثاني: عدم الإلمام التفصيلي بالحضارة الغربية، وقد أوردته هذا القصور عجزا في امكانية الاستفادة من بعض العلوم الغربية الحديثة كعلم الايجولوجيا، والأرليوجيا واللسانيات التي تفيد التيار في تعميق النظر الى بعض القضايا الشرعية التي يمكن أن تأدي إلى صياغة علوم جديدة تساعد على استنباط النصوص وتحليلها وفهمها إلخ…

ثانيا: جماعة الدعوة والتبليغ:

وهي جماعة تقوم على الدعوة إلى الله عن طريق الخروج، وتوجه أفرادها إلى تطهير الذات، ويستفيد الفرد من الخروج الجماعي في تطوير الفرد لذاته، وتقوية إرادته لأنه يطوع نفسه لخدمة الجماعة.

ومن المعلوم أن الجماعة نشأت في الهند ثم انتشرت في جميع أنحاء الأردن، من الواضح تأثير المكان عليها، واعتماد الخروج سبيلا لتطهير الذات هي من تأثير الثقافة الهندية، التي تقوم على الفكرة ذاتها بشكل رئيسي، وتعتبرها سبيل الذات لاكتشاف وحدة الوجود.

ولا نريد أن نفصل في أصل نشأتها ، ولا في التأثيرات التي نقلتها من الثقافة الهندية لأنها تأثيرات توقفت عند الأساليب، وبقي مضمونها بعيد عن المبادئ الإسلامية، فهي تدعو إلى الأخلاق الفاضلة، والمعاملة الحسنة، وتحرص على دعوة العاصين والمقصرين والغافلين إلى الانتهاء عن المعاصي والتقصير والغفلة إلخ….، ومما يؤخذ عليها أنها لم تطور أساليبها الدعوية خلال مائة سنة فهي مازال العمل الرئيسي عندها هو الخروج، فالفرد يخرج يوماً في الأسبوع، وعدة أيام في الشهر، وشهراً في السنة، ويكون الخروج إلى دعوة الناس المحيطين بالمسجد ونصحهم وتذكيرهم ودعوتهم إلى الأخلاق الفاضلة…. ولا شك أن اعتماد هذا الخروج كوسيلة وحيدة وأساسية يدل على قصور في وعي وسائل العصر الحديثة للاتصال وقيمتها، وهي لا تتوقف عن النمو والتجدد والتطور، فقد بدأت بالمذياع ثم التلفاز، ثم الكاسيت والمسجلات، ثم الفيديو، ثم النت واستحداثاتها الحديثة كالفيس بوك وغيره إلخ…، فإن  توظيف أية وسيلة من الوسائل السابقة وملئها بالمضمون المناسب يمكن أن يصل إلى شريحة أوسع من الذين يقابلهم في خروجه، ويمكن أن تكون الفائدة أعم وأنجح، ويمكن الاستفادة من كل وسيلة في وقتها، فالمذياع في وقت، ثم الكاسيت، ثم الفيديو إلخ…، لكنها بكل أسف لم تفعل شيئاً من ذلك، فخسرت إمكانية الاستفادة من وسائل العصرفي تبليغ دعوتها.

ثالثا: الإخوان المسلمون:

نشأ الإخوان المسلمون في الأردن عام 1946، وهم يملكون مسيرة طويلة في الأردن أصبحت جزءاً من تاريخ الأردن، ولا يتسع المقام للحديث عن هذا التاريخ الطويل من التواجد في الأردن وتقويمه، بل له مجالات أخرى، ولكن سنتحدث عن أبرز الأمور التي اعترضت طريق العمل، خلال الفترة الماضية.

قام الإخوان في الأردن بدور سياسي ودعوي واجتماعي وثقافي وخيري إلخ….، وقد أنشأوا جمعية المركز الإسلامي الخيرية عام 1962 المسؤولة عن الأعمال الخيرية في جميع الأردن، وأنشأوا مستشفيين في عمان والعقبة تحت مسمى المستشفى الإسلامي، كما أنشأ الإخوان عدة مدارس ومعاهد، كما أنشأوا عدة دور تهتم بالقرآن ودراسته وتحفيظه إلخ…

إن هذه النشاطات تحمد لهم، وجعلتهم على تواصل مع أفراد الأمة في مختلف المجالات، وهذا تصرف سليم، لأن هذه الأمة أمتنا، ونحن أولى من غيرنا في سد جوعتها، وإزالة جهلها، وتطبيب مريضها، واجتهادهم في هذا مخالف لحزب التحرير الذي يرى أن كل هذه الأعمال لا تجوز، ولا شك أن حزب التحرير مخطئ في اجتهاده.

كما أنشأ الإخوان حزباً سياسياً سموه (حزب جبهة العمل الإسلامي) عام 1992، وخاض الانتخابات عدة دورات، وحصل على 17 مقعداً في انتخابات 2003، كما حصل على 6 مقاعد في انتخابات 2007، وقاطع الانتخابات التي جرت في نوفمبر 2010، وكان الإخوان شاركوا في بعض القرارات وحصلوا على عدة مقاعد وزارية.

لقد تعرض النظام لهزتين كبيرتين في عهد الملك حسين كانتا تستهدفان تغيير النظام، هما: محاولة الانقلاب عام 1957، والعمل الفدائي عام 1970، وكان اليساريون هم الذين يستهدفون النظام في الحالتين، ولم يشارك الإخوان الآخرين في التآمر على النظام، واعتزلوا الفتنة في الثانية، وعلّل الإخوان موقفهم ذلك بأنه في مصلحة الأمة، وأن اليسار هو الخطر الداهم الذي دمر عقائد وقيم الأمة في أكثر من مكان في العالم العربي وفي الدول المحيطة بالأردن.

وقد مرت علاقة الإخوان بالنظام بعدة توترات خلال الستين سنة الماضية، ولكن أبرزها حصلت بعد أن وقع النظام الأردني اتفاقات وادي عربة عام 1994 مع اسرائيل، لذلك قاطع الإخوان انتخابات عام 1997، وكان يفترض أن يعيد الإخوان ترتيب أوراقهم في الأردن، ويعيدوا النظر في آليات عملهم، لأن اتفاقات وادي عربة تمثل أكبر انعطاف في تاريخ الأردن، ولأنها أكبر طعنة في مسير الأمة مع مثيلتيها: اتفاقات وادي كامب ديفيد مع مصر، واتفاقات أوسلو مع السلطة، بعد قيام اسرائيل عام 1948، ويقتضي هذا الانعطاف الكبير في طعن الأمة تغييراً نوعياً في العمل جميعه.

وقد مر الجانب الخيري عند الإخوان المسلمين بأكبر توتر له مع النظام الأردني عام 2007، عندما حاول أن يدخل في تفاصيله، وقام ببعض التطرقات من مثل تجميد الهيئة الإدارية إلخ… ويفترض أن يعطي مثل هذا التطرق التنبيه لقيادة الإخوان لأن يبحث عن أطر وقنوات تحفظ هذا العمل الخيري بعيداً عن المصادرة والتعطيل في المستقبل، لأن وجود مثل هذه الثروة والمؤسسات قوة للأمة، ونحن يجب أن نحرص على تمتين وترسيخ هذه الثروة والمؤسسات وإبقاءها في خدمة الأمة، ومن الممكن أن تكون إحدى هذه الوسائل في المحافظة عليها لتكون في إفادة الأمة هو جعلها أوقافاً، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يعطل إستفادة الأمة منها، كما أن المجال مفتوح للتفكير في وسائل أخرى تبقيها بعيداً عن أي عبث أو إضرار.

ظهرت المقالة التيارات الإسلامية (السلمية) في الأردن أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%af%d9%86/feed/ 0 2287