كتاب صفورية والمجاهد والفتى عرض/ محمد الصوفي
عرض كتاب “صفورية والمجاهد والفتى” جانبا من وقائع القضية الفلسطينية المجهولة، وألقى الضوء على جوانب من حياة صفورية التي تعتبر من أكبر القرى في فلسطين، وبين أثر النكبة في حياة إحدى الأسر التي لجأت إلى سوريا.
تحدث الكاتب عن قرية صفورية. وبين أنها تمتلك قلعة أثرية قديمة في وسطها. وأنها كانت مسقط رأس (مريم عليها السلام)، وأن اسم القرية جاء من اسم زوجة موسى عليه السلام. وبين الكاتب أن عائلته كانت تملك بستانا ذا شجر مثمر، وزيتونا، وأرضا زراعية.
تحدث الكاتب عن نهلال وهي مستعمرة يهودية في مرج ابن عامر في فلسطين وهي من أقدم المستعمرات المنشأة في فلسطين. وقد استهدفتها جماعة عز الدين القسام عام 1931، وروى الكاتب على لسان والده أحداث تلك الواقعة.
فذكر الكاتب أن والده أحمد التوبة ذهب مع اثنين من أهل بلدته صفورية، وهما:
إلى مستعمرة (نهلال) وكان ذلك يوم 27/12/1931م.
وقد استغرق المشي إليها طوال الليل تقريبا. وحملوا معهم بندقية وقنبلة.
وألقوا القنبلة على أحد البيوت وكان فندقا، فقُتل شخصان، ثم عاد المجاهدون الثلاثة إلى صفورية.
ولم يتوصل التحقيق الذي فتحه الإنجليز إلى الفاعلين الذين ألقوا القنبلة.
ثم بين الكاتب اعتقال الذين نفذوا عملية نهلال بالإضافة إليه
هي:
ثم بين أن محاكمة جرت في أيلول 1932م في التَخْنُكة وهو حي يهودي في حيفا.
وقد تمت المحاكمة وسط حشد من الجماهير العربية واليهودية، ووسط حشد من الصحفيين.
وقد استدعت المحاكمة أربعين شاهدا واستمرت المحاكمة ثمانية عشر يوما.
بالإعدام بحق اثنين من المتهمين وهما
والبراءة للثلاثة الآخرين:
وبالفعل تم تنفيذ الحكم بالمجاهد الأحمد في فبراير/ شباط 1933، أما الغلاييني فقد توسط له الأمير عبد لله آنذاك عند سلطات الإنجليز فخففت الحكم للمؤبد.
ثتحدث الكاتب عن الثورة قائلا أنها كانت مشتعلة في وسط فلسطين وجنوبها، أما شمالها فلم تقم به أعمال جهادية.
وأراد المجاهد التوبة تفعيل الشمال وإشعال الثورة فيه، فطلب من إخوانه في (جمعية الجهادية) إرسال عدد من البنادق إلى قرية الكابري في محيط عكا.
وأشعل معركة في محيط قرية ترشيحا على الطريق إلى عكا، وقُتل عدد من عملاء الإنجليز، وساعدت طائرة إنجليزية العملاء في استكشاف وضعية المجاهدين.
ذكر الكاتب المراحل التي سار فيها التوبة من أجل اغتيال أندروز، فبين أنه اختار أربعة من رفاقه القساميين الذين يعرفهم ويثق في جدارتهم للقيام بالعملية بعد أن أخذ موافقة القيادة على ذلك، واجتمع بهم، ووضح لهم الخطة.
وجاء الجنرال إلى الكنيسة مع مرافق وحارسين السادسة مساء يوم 26/9/1937م وقد اغتاله التوبة برصاص مسدسه، في حين أن المجاهدين الآخرين تناولوا بقية المرافقين، فقتلوا أحد الحراس، وهرب المرافق إلى داخل الكنيسة وبدأ إطلاق النار على المجاهدين، أما السيارة فقد قفلت عائدة إلى معسكرها.
وبعد أن نجح المجاهدون في مهمتهم عادوا إلى بيوتهم، وذكر الكاتب أن هذا الاغتيال كان منعطفا في تاريخ الثورة الفلسطينية، فقد أشعل الثورة من جديد، وقد اعتقل الإنجليز 15 ألف شخص في جميع أنحاء فلسطين وفق قوائم معدة مسبقا.
تحدث الكاتب عن اجتماع 300 مجاهد بقيادة أبو إبراهيم الكبير لمقاتلة الإنجليز بشمال فلسطين، وعمل التوبة مساعدا له، وكان ينوب عنه في قيادة الفصيل عند غيابه، وخاضوا معركتين كبيرتين الأولى: بمنطقة سخنين وعرابة بمنطقة عكا والثانية بمنطقة القديرية بسفح جبل كنعان يوم 27/12/1937.
وقررت القيادة بعد المعركة الانسحاب للشام، ثم عاد التوبة في فبراير/ شباط 1938م لساحة الجهاد، فدعا المجاهدين إلى الاجتماع بمحيط عكا.
واجتمع في عكا ما يقرب من ثلاثمائة مجاهد، فانقسموا إلى قسمين: قسم يجاهد بشمال قضاء عكا والآخر بجنوبه، وقاد التوبة القسم الثاني بمنطقة سخنين وعرابة.
وذكر الكاتب أن الإنجليز اتبعوا خطة جديدة للتضييق على المجاهدين تقوم على مرابطة قوات إنجليزية بصورة دائمة فيما يقرب من أربعين قرية من قرى منطقة سخنين وعرابة.
مما جعل المجاهدين لا يجدون مأوى أو مكانا لبياتهم، أو طعاما يقتاتون به. بينما يرابط الإنجليز في هذه القرى وبناء على ذلك حال هذا الأمر بين أهل القرى ومساعدة المجاهدين.
وهو الدور الذين كانوا يقومون فيه سابقا لذلك اضطرت القيادة لإيقاف هذا التجمع الجهادي بسبب البرد القارس وكون المنطقة جبلية وعرة.
تحدث الكاتب عن الواقعة وتتلخص في أن ستة مجاهدين بينهم التوبة جاؤوا إلى سكان قرية تمرة، لتنفيذ الخطة التي وضعتها قيادة الثورة.
وتقوم على جمع مبلغ محدد من النقود من كل قرية بفلسطين، وتشتري القيادة به عدداً من البنادق لصالح هذه القرية.
كما تطلبت الخطة من أهل القرية، تحديد عدد من الشباب الذين يجب أن يستجيبوا لنداء المعركة، بأي وقت عند حدوث معركة ما في محيطهم، وهذا العدد وفق كبر القرية وصغرها.
وقد علم الإنجليز عن طريق جواسيسهم بوجود المجاهدين، فطوقوا القرية، وجمعوا أهلها في أحد بيادرها.
طلب الانجليز من المختار التعريف برجال القرية فردا فردا بينما حمل التوبة اسم أحد الرجال الغائبين عن القرية وبناء على ذلك نجا من اعتقال الإنجليز له، من ناحية أخرى أصحابه الباقين الخمسة اعتقلوا وأعدموا.
ثم جاء الفصل الثامن بعنوان (ملاحقات وتنقلات) وبين فيه اعتقال الفرنسيين التوبة بدمشق ومصادرة كثير من مستلزمات الثوار، وتحدث عن انتقال ذلك المجاهد إلى العراق بداية الحرب العالمية الثانية مع الحاج أمين الحسيني، ثم مغادرته العراق إلى سوريا بعد فشل انقلاب رشيد علي الكيلاني على النظام الملكي عام 1941م، وتحدث عن اختبائه في حمص ثم اعتقال الفرنسيين له وتسليمه للإنجليز بفلسطين.
ثم بين الكاتب أن سلطات الإنجليز حبست التوبة بسجن عكا الكبير مع عدد من ثوار فلسطين بانتظار انتهاء الحرب العالمية الثانية لمحاكمتهم، ثم قرر المجاهد الفرار مع عدد من أصحابه من السجن، وبالفعل وضعوا خطة واستطاعوا الهروب، واختبأ فترة من الزمن بقريته صفورية متنقلا بين بيوت أصحابه، ثم غادرها إلى المملكة السعودية، ونزل لاجئا سياسيا بمكة عند الملك عبد العزيز آل سعود، ثم عندما انتهت الحرب العالمية عاد المجاهد إلى قريته واحتفلت القرية بعودته.
ثم تحدث التوبة بالفصل التاسع وكان بعنوان (حرب 48 واللجوء إلى سوريا) عن اشتعال الحرب بين العرب واليهود نهاية عام 47 وبين أن المجاهد التوبة اشترك بمقاتلة اليهود في حيفا، ودافع عن منطقة (الحليصة) ثم استلم قيادة (بلدة شفا عمرو) ثم قاد المقاتلين بصفورية، ثم تحدث عن مهاجمة العصابات اليهودية صفورية في يوليو/تموز 1948، واضطرار أهل القرية لمغادرة بيوتهم، ثم استمروا في السير إلى بيت جبيل.
وبعد أن احتل اليهود صفورية جاء المجاهد إلى بيت جبيل ونقل الأسرة إلى حمص بسبب معرفة الكثير من أهلها، واستقبله أهلها أحسن استقبال وعاش فيها حياة اللجوء.
تميز الكتاب الذي عرضناه بالسطور السابقة بعدة أمور:
1- عرض تفصيلات مجهولة في بعض وقائع القضية الفلسطينية ومنها اغتيال الجنرال (لويس أندروز) فهذه القصة على أهميتها وعلى كونها أثرت في مسار القضية الفلسطينية فإنها كانت مجهولة من عدة جوانب، فقد كشف الكتاب لأول مرة تفصيلات عن الإعداد لعملية الاغتيال ومراحله، وحدد أسماء الفاعلين، وبين أن (الجمعية الجهادية) كانت وراءها، كما فصل وقائع (قنبلة نهلال) والأرجح أنه لا يوجد مصدر فلسطيني فصل هذه الوقائع بهذه الصورة.
2- وضّح المؤلف دور الأسرة الفلسطينية في الجهاد ضد الاحتلال الإنجليزي والاستيطان اليهودي، ووضح حجم معاناتها، والأثمان المادية والمعنوية التي قدمتها، وبين هذا الدور من خلال احتضان آل التوبة لابنهم المجاهد أحمد ودعمهم له، ولولا هذا الدعم من الأسرة وهذا الوقوف إلى جانبه لما استطاع أن ينجح في أداء مهمته.
3- بيّن الكتاب دور الشعب الفلسطيني في نصرة الجهاد الذي فجرته (الجمعية الجهادية) بقيادة القسام، وبين تفاعل جماهير الناس وآحادهم مع هذا الجهاد، وقدم نماذج من ذلك.
4- وامتاز بأنه جاء في قالب قصصي، وبأسلوب سلس، وقد احتوى عدداً من الصور للمجاهد التوبة في مختلف مراحل جهاده.
5- وامتاز بأنه وضَّح جانبا من أثر النكبة على حياة إحدى الأسر الفلسطينية التي لجأت لسوريا، وبين أثرها بحياة فتاها الذي يمكن أن يكون مثالاً لفتيان جيله.
يمكن تحميل الكتاب من الرابط التالي بالضغط هنا.
ملخص الكاتب محمد الصوفي لكتاب صفورية والمجاهد والفتى من موقع الجزيرة هنا
Lorem Ipsum