فلسطين هي ارض الرسالات و مهد الأنبياء و هي منذ فتحها المسلمون مطمع اليهود والصليبيين وارض الصراع ما بين الإيمان والكفر إلى يوم القيامة. يأتي هذا الكتاب ليلقي الضوء على قضية المسلمين الأولى ألا وهي القضية الفلسطينية، يستعرض التاريخ لأخذ العبر، يفند دعاوى اليهود بأحقيتهم في فلسطين ويؤكد أحقية المسلمين، يدرس أسباب السقوط والهزيمة وتراجع دور الإسلاميين وفشل القوميين والوطنيين في إدارة الصراع وتحقيق النصر، ثم بتحدث عن المشاريع الأمريكية لتغريب المنطقة والأطماع الإسرائيلية ثم يدعو الإسلاميين إلى تجنب الأخطاء السابقة في مواجهة هذه الهجمة الشرسة ويبشر بحتمية النصر تحقيقا لوعد الله سبحانه بذلك.
جاء الكتاب في مدخل وخمسة أبواب، تناول المدخل ارتباط ارض فلسطين بالرسالات السماوية الإسلام والمسيحية واليهودية ..الخ وان هذا الارتباط هو سبب الحروب والصراع في المنطقة.
ينقسم الباب الأول إلى فصلين:
يناقش الفصل الأول الحروب الصليبية قراءة في عوامل الانتصار والهزيمة، يبيّن فيه أنّ انتصار المسلمين في الحروب يعود إلى عدّة عوامل هي: النـزعة التوحيدية، والاستقلال السياسي والاقتصادي، وترسيخ القيم الدينية، وكان القصد من توضيح هذه العوامل توجيه نظر المسلمين المعاصرين إلى ضرورة الاستفادة من تجربة المسلمين السابقين والانتباه إلى تلك العوامل التي أدّت إلى الانتصار من خلال التوجّه إلى الوحدة، وتحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي، وبروز العلم الديني والشرعي.
أمّا الفصل الثاني فينقض دعاوي الصهاينة في فلسطين ويثبت دعاوي المسلمين فيها ونقض الكاتب الأصول التي اعتمدها اليهود في ادعائهم بحقّ امتلاك فلسطين، ثم طرح الأصول التي يقيم عليها المسلمون حقهم في فلسطين والتي تتلخّص في ثلاثة أصول:
الأول: أخوّة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
والثاني: أمّة الأنبياء واحدة، وأمّة محمد صلى الله عليه وسلم هي الوارثة لأمّة الأنبياء.
الثالث: أرض فلسطين مقدّسة قبل وجود بني إسرائيل وقبل ابتعاث موسى عليه السلام.
ولمّا كانت أمّة محمد صلى الله عليه وسلم هي الأمّة الوارثة لأمّة الأنبياء، فهي الأمّة الوارثة لأرض فلسطين وهي الوارثة للمقدّسات الموجودة فيها.
تحدّث الكاتب في الباب الثاني عن نشوء الصهيونية والتحرّك نحو فلسطين، واحتوى هذا الباب على مدخل وفصلين، تحدّث في المدخل عن دور اليهود المتميّز في تكوين الحضارة الغربية العلمي والمالي، وألقى الأضواء في الفصل الأول على نشوء الحركة الصهيونية وعن دور هرتزل فيها. كما تحدّث في الفصل الثاني عن هياكل المنظمة الصهيونية وعن دورها في إنشاء إسرائيل.
وجاء الباب الثالث تحت عنوان “سقوط الخلافة وصعود القومية العربية” واحتوى هذا الباب على ثلاثة فصول، تحدّث في الفصل الأول عن سقوط الخلافة العثمانية ونتائج ذلك وبيّن عرض تيوودر هرتزل على الخليفة العثماني السلطان عبد الحميد السماح بهجرة اليهود مقابل سدّ الدين العام للخلافة ورفض السلطان لذلك، ثم تحدّث عن الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين ودورها في إسقاط الخلافة، وتحدّث عن بنية الفكر القومي العربي الذي استندت إليه تلك الثورة، ووضّح أن هذا الفكر يعتبر الأمّة العربية تقوم على عاملي اللغة والتاريخ وأنه لا دخل للدين في قيامها، وبيّن خطأ الفكر القومي العربي وأنّ الأمّة الموجودة من المحيط وإلى ما بعد الخليج هي أمّة إسلامية شكّل الدين الإسلامي عاملاً رئيسياً في هويّتها، وبيّن أنه لا توجد أمةّ’ عربية بالمعنى القومي في أرض الواقع ماضياً وحاضراً، أي أنه لم توجد أمّة عربية تقوم على عاملي اللغة والتاريخ. ثم تحدّث في الفصل الثاني عن القضية الفلسطينية وتطوّراتها وكيف انتهت حرب الأيام الستة في عام 1967م إلى احتلال إسرائيل لأضعاف مساحة فلسطين عندما انتصرت على العرب فاحتلّت الجولان وسيناء والضفّة الغربية، ثم تحدّث في الفصل الثالث عن حرب تشرين عام 1973م، وعن توقيع أنور السادات اتفاقات سلام مع إسرائيل في كمب ديفيد بعد زيارته للقدس عام 1977م.
جاء الباب الرابع تحت عنوان “الإسلاميّون والقضية الفلسطينية” تحدّث في الفصل الأول منه عن قيام منظمة التحرير الفلسطينية وعن الأمور التي استحدثها ياسر عرفات وحركة فتح في مجال القضية الفلسطينية والذي قام على الفصل بين القضية الفلسطينية والأمّة واعتبار أنّ قضية فلسطين هي قضية الشعب الفلسطيني فقط، كما استحدث ياسر عرفات أمراً آخر في مجال القضية الفلسطينية هو اعتباره أنها قضية عسكرية فقط دون أي ارتباط بقضايا الأمّة الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية والعقلية والخلقية والتربوية إلخ…، وبيّن أنّ الذي ساعده على إمضاء استحداثاته الجديدة في الساحة الفلسطينية هو وصول التيار القومي إلى طريق مسدودة بعد عام 1967م، فاتكأ على العمل الفدائي من أجل امتصاص مشاعر النقمة الملتهبة ضدّ الأنظمة القومية آنذاك، ثم تحدّث في الفصل الثاني عن غياب الإسلاميين عن العمل الفدائي في الستينات وسبب ذلك، وبيّن أنّ سبب ذلك هو ما طرحه حسن الهضيبي وموقفه المعادي لأيّ عمل عسكري أو فدائي، وبيّن خطأ ذلك الموقف ثم بيّن دور الإسلاميين في الانتفاضتين وأنّ اشتراكهم هو تعبير عن مجاهدة الأمّة للصهاينة وإسقاط للإثم عنها. وبيّن أنّ مجاهدة الأعداء ليس وقفاً على الدولة الإسلامية بل هو واجب على الأمّة في حال غياب الدولة أو تقصيرها، ولمّا كانت الحركات والجماعات الإسلامية هي الممثّلة للأمّة كان قتالها شرعياً، وهو ما غفل عنه حسن الهضيبـي وانتبهت له الحركات والجماعات الإسلامية مؤخّراً.
ثم جاء الباب الخامس تحت عنوان “الأمّة بين الإمبراطورية الأمريكية وإسرائيل الكبرى” تحدّث الكاتب في الفصل الأول عن قيادة الإمبراطورية الأمريكية وعن أهدافها وعن كيفيّة مواجهتها، ثم في الفصل الثاني عن مشروع “الشرق الأوسط الكبير” الذي طرحه بوش في حزيران من عام 2004م والذي يستهدف إحداث تغيير جذري في المنطقة باتجاه التغريب، ثم تحدّث في الفصل الثالث عن إسرائيل الكبرى وعن أطماع شارون في الضفة الغربية، وأنه عندما أعلن انسحابه من غزّة في عام 2005م كان يقصد الاستفراد بالضفّة الغربية وإقامة القدس الكبرى الموحّدة.
ثم في الخاتمة بين الكاتب فشل المنهجين: القومي العربي والوطني في إحداث أيّ تقدّم في القضية الفلسطينية وسبب ذلك، ثم بيّن دور التيار الإسلامي وأنه عندما يجاهد في فلسطين إنما يفعل ذلك ممثّلاً للأمّة، وأنه سينجح بتحقيق تقدّم -بإذن الله- في مجال القضية الفلسطينية لكن شريطة أن يتجنّب الأخطاء التي وقع فيها التياران: القومي والوطني، وأن يعتمد الإسلام في بناء الفرد والمجتمع، وأن يعتبر القضية الفلسطينية قضية الأمّة وليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وأن تستهدف الجماعة المسلمة التي تقود مجاهدة الصهاينة إقامة الدولة الإسلامية التي سيكون عليها عبء استكمال تحرير الأرض الفلسطينية كلها واستعادة حقوق الأمّة من الصهاينة المغتصبين، وقد ختم الكتاب متفائلاً بوعد الله الذي ورد في سورة الإسراء، والذي تحدّث عن دخول المسجد الأقصى حيث قال:
(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً . فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً . ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً . إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً) (الإسراء،4-7).
Lorem Ipsum