ملخص بحث – المرتكزات الديموغرافية والاجتماعية والثقافية في المشروع الإيراني

أولا: المرتكزات الديموغرافية في المشروع الإيراني:

تتكون إيران من عدة أعراق ذات ديانة واحد هي الإسلام، وينقسم المسملون إلى شيعة وسنة، وتبلغ نسبة السنة 20%، في حين أن الشيعة هم بقية السكان وكان المفترض أن تستفيد إيران من هذا التنوع العرقي وتكون أمة واحدة من هذه الأعراق المختلفة وبخاصة أن تلك الأعراق مسلمة في ديانتها، لكنها لم تنجح في ذلك، بل استعدت الأعراق الأخرى كالأكراد، والعرب الأحوازيين، والبلوشيين بسبب بروز العصبية الفارسية في المشروع الإيراني، لذلك ثاروا وتشكلت جبهات تحرير في كل من كردستان وبلوشستان والأحواز.

وشارك أهل السنة في الثورة الإسلامية ضد الشاه، لكن قادة ثورة إيران اضطهدوهم بعد مجيء الخميني فلم ينصب سني واحد في مجلس صيانة الدستور أو مجلس الخبراء إلخ … ، ولا يوجد مسجد للسنة في عدد من المدن الإيرانية، وبذلك خسرت إيران مساهمة أهل السنة في بناء إيران بسبب  إصرار قيادتها على ترسيخ الحكم الطائفي الشيعي في مناحي الحياة الإيرانية.

ثانيا: المرتكزات الاجتماعية في المشروع الإيراني:

جاءت الثورة الإسلامية بقيادة الخميني من أجل تحقيق أهداف إسلامية مثل إنهاء الظلم وإقامة المساواة، إزالة الفقر وزيادة الغنى، إنهاء الموبقات وزيادة الطهر والعفاف، زيادة عددالمصلين إلخ … ، فهل تحققت هذه الأهداف؟ نجد أن تلك الأهداف لم تتحقق، بل إن المشاكل ازدادت، وقد دلت على ذلك الاحصاءات الرسمية في مجال المخدرات والدعارة والفقر وعدد المصلين والعشوائيات والتفكك الأسري إلخ …، وقد نقلنا جانبا من تلك الاحصائيات والدراسات في بحثنا الأصلي.

وقد بحثنا عن أسباب عدم تحقق تلك الأهداف التي قامت الثورة من أجلها في داخل المذهب الشيعي، فوجدناها مرتبطة بسببين اثنين هما:

الأول: طبقة الملالي :

لقد خالف الإسلام الديانات السابقة بأنه ألغى طبقة رجال الدين التي كانت تقوم بدور الواسطة بين المؤمن والله، وألغى المؤسسة الدينية التي كان يرعاها رجال الدين، وطلب من المسلم أن يدعو الله مباشرة وأنه لا واسطة بينه وبين الله، لكن المذهب الشيعي أوجد “طبقة الملالي” التي تشبه طبقة رجال الدين في الديانات الأخرى، ووجدنا أن هذه الطبقة تركت أثرين سلبيين هما:

 الأول: على المسلم فقللت فاعليته النفسية، الثاني : على المجتمع فأوجدت فسادا فيه.

الثاني:مفهوم الولاية :

 وأوجد مفهوم الولاية انحرافين في مجال العقل والنقل عند الشيعة، فهو في مجال النقل أضاف أقوالا بشرية للأئمة الإثنى عشر تحتمل الخطأ والصواب وهم اعتبروها وحيا غير قابل للخطأ، وهذا هو الانحراف الأول، وفي مجال العقل فإنه جرى تضخيم اللا معقول في المذهب الشيعي نتيجة ارتباط “مفهوم الولاية” بالعرفان الهرمسي وهذا هو الانحراف الثاني.

ثالثا: المرتكزات الثقافية في المشروع الإيراني:

ليس من شك بأن الأمة الإسلامية أمة واحدة، ولعب العامل الثقافي دورا رئيسيا في إظهار وحدتها بعد أن ضعفت العوامل الأخرى وبخاصة العامل السياسي إثر سقوط الخلافة، وإلغاء رمزية الخلافة العثمانية عام 1926م في إقامة وحدة المسلمين.

وقد تعرضت هذه الوحدة الثقافية إلى عدة محاولات للتفتيت في القرن الماضي:

الأولى: بعد الحرب العالمية الأولى وكانت ذات محتوى علماني ليبرالي قومي رأسمالي.

الثانية: بعد الحرب العالمية الثانية وكانت ذات  محتوى اشتراكي شيوعي.

الثالثة: بعد قيام ثورة الخميني عام 1979 وتقودها الآن إيران.

لقد ضمن الخميني دستور الجمهورية الإيرانية مادة تقول بأن “الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب الجعفري الإثنا عشري يبقى إلى الأبد المذهب الرسمي لإيران وغير قابل للتغيير”، وقد حاولت بعض القيادات الإسلامية السنية إبعاد الصبغة الطائفية عن إيران من خلال تغيير هذه المادة لكنها لم تفلح في ذلك.

ومن الجدير بالذكر أن بعض الحركات الإسلامية السنية، وكثيرا من علماء أهل السنة، وبعض المؤسسات العلمية السنية رحبت بانقلاب الخميني ومدت يدها إلى قيادات إيران من أجل التعاون في مواجهة الأخطار التي تحيط بالمسلمين وبالذات الخطر الصهيوني والغربي.

لكن القيادات السنية تفاجأت بإصرار قيادات إيران على نشر المذهب الشيعي في البلدان العربية والإسلامية ذات الأغلبية السنية من مثل: مصر والمغرب والجزائر وتونس وسورية الخ … ، وكان على رأس المتفاجئين الشيخين : يوسف القرضاوي وأحمد الطيب , مما دعاهما إلى تغيير موقفهما من التعاون مع القيادات الشيعية في إيران، ومن المؤكد أن نشر المذهب الشيعي في هذه البلدان سيؤدي إلى التفتيت الثقافي لعامل الوحدة الثقافية، وهي المحاولة الأخطر في محاولات التفتيت خلال العصر الحديث.

Lorem Ipsum

اترك رد