التاريخ الإسلامي الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/category/التاريخ-الإسلامي/ منبر الأمة الإسلامية Wed, 01 Feb 2023 16:17:20 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.7.1 https://www.al-ommah.com/wp-content/uploads/2021/02/منبر-الأمة-الإسلامية.svg التاريخ الإسلامي الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/category/التاريخ-الإسلامي/ 32 32 171170647 لا ليس هناك عصر انحطاط في تاريخنا https://www.al-ommah.com/%d9%84%d8%a7-%d9%84%d9%8a%d8%b3-%d9%87%d9%86%d8%a7%d9%83-%d8%b9%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%86%d8%ad%d8%b7%d8%a7%d8%b7-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae%d9%86%d8%a7/ https://www.al-ommah.com/%d9%84%d8%a7-%d9%84%d9%8a%d8%b3-%d9%87%d9%86%d8%a7%d9%83-%d8%b9%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%86%d8%ad%d8%b7%d8%a7%d8%b7-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae%d9%86%d8%a7/#respond Thu, 21 Dec 2017 16:33:12 +0000 https://al-ommah.com/?p=1045 قسم بعض الدارسين تاريخنا إلى عدة عصور، هي: عصر النشأة الذي بدأ مع قيام دولة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ودولة الخلفاء الراشدين. ثم عصر الترجمة، فعصر الازدهار والإبداع الفكري، وقد بلغ أوجه في عهد المأمون. عصر الانحطاط والجمود الفكري، وقد ساد في عهد المماليك والعثمانيين. ثم عصر […]

ظهرت المقالة لا ليس هناك عصر انحطاط في تاريخنا أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
قسم بعض الدارسين تاريخنا إلى عدة عصور، هي:

  • عصر النشأة الذي بدأ مع قيام دولة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ودولة الخلفاء الراشدين.
  • ثم عصر الترجمة، فعصر الازدهار والإبداع الفكري، وقد بلغ أوجه في عهد المأمون.
  • عصر الانحطاط والجمود الفكري، وقد ساد في عهد المماليك والعثمانيين.
  • ثم عصر النهضة الذي بدأ بنابليون بونابرت عندما غزا مصر عام 1798.

واعتبروا أن عصر الانحطاط تمثل بأمرين هما:

الأول: الانحطاط الفكري والعلمي، ويعني توقف العقل الإسلامي عن الإبداع العلمي والنمو الفكري.

الثاني: الانحطاط الاجتماعي، وهو تفكك المجتمع، وظهور الفردية والأنانية، وعدم فاعلية المجتمع، والروابط الاجتماعية، وانعدام القدرة على البناء ومواجهة الأزمات.

أما أبرز المتحدثين عن الانحطاط فهما كاتبان:

  • مالك بن نبي.
  • محمد عابد الجابري.

وسنعرض آراءهما وأفكارهما حول الانحطاط وأسبابه.

فقد اعتبر مالك بن نبي في كتبه التي عنونها بسلسلة “مشكلات الحضارة”  أن عوامل التعارض الداخلية في المجتمع الإسلامي قد بلغت ذروتها في نهاية “دولة الموحدين”، ولم يعد الإنسان والتراب والوقت، عوامل الحضارة، بل أصبحت عناصر خامدة، ليس بينها صلة مبدعة، وقد أدى هذا التعارض إلى الانحطاط الاجتماعي الذي يتجلى في الانحطاط الأخلاقي وتفرق المجتمع الذي يؤدي إلى الفشل من الناحية الأدبية.

ثم جاء محمد عابد الجابري الذي طرح أراءه عن الانحطاط العلمي، وتوقف الأمة عن الإبداع في سلسلة كتبه عن العقل العربي وأبرزها كتابان ” تكوين العقل العربي” و “بنية العقل العربي”.

لقد درس الجابري في كتابه” بنية العقل العربي” الأنظمة التي شكلت العقل العربي، وحددها بثلاثة، وهي: البيان، العرفان، البرهان. واعتبر أن هذه الأنظمة المعرفية تداخلت مع بعضها، وأصبحت تشكل تلفيقاً معطلاً، واعتبر أزمة أبي حامد الغزالي التي أدت إلى اضطرابه واعتزاله وغيابه عن الساحة العلمية لمدة عشر سنين، مثالا على هذا التداخل التلفيقي بين الأنظمة المعرفية الثلاثة وعدم استطاعته التوفيق بينها.

وقد أشار الجابري إلى لحظتين متميزتين في تاريح العقل العربي:

الأولى: تمتد من بدايات عصر تشكيل العقل العربي إلى لحظة الغزالي التي كان فيها العقل منتجا ومبدعا.

الثانية: ما بعد لحظة الغزالي التي تعطل فيها العقل العربي، وأصبح جامدا وغير مبدع وغير فعال ومنتج، وبدأ الانحطاط العلمي منذ تلك اللحظة.

والسبب في ذلك هو أن التداخل التلفيقي بين الأنظمة المعرفية الثلاثة: البيان والعرفان والبرهان، وعدم قدرة العقل العربي على التوفيق بين هذه الأنظمة توفيقا سليما.

ومن المؤكد أن النظر الفاحص لتاريخنا ينفي أقوال مالك بن نبي،  ومحمد عابد الجابري، ويؤكد أنه لم يكن هناك انحطاط بالمعاني التي حددناها وهي موات جانبين: الجانب الجماعي والاجتماعي من جهة، والجانب العقلي والعلمي من جهة ثانية.

أما بالنسبة للناحية الاجتماعية والجماعية فمن المعلوم أن الأمة  بعد عهد الموحدين (515-667هـ) استطاعت أن تصد الهجومين الصليبي والتتري المغولي، وتنهيهما، فقد صد المماليك الهجوم المغولي التتري وانتصروا عليهم في معركة عين جالوت عام 1260م التي قادها المملوكي قطز، ثم أكمل المماليك انتصارات صلاح الدين الأيوبي، فطردوا الصليبيين من عكا في ساحل فلسطين في عام 1291م وكانت تلك الانتصارات بقيادة المملوكي الأشرف خليل.

ثم جاءت الخلافة العثمانية، وبسطت نفوذها على العالم العربي، وخاض السلطان سليم معركة مرج دابق عام 1516م، وقتل السلطان قانصوه الغوري، وأنهى وجود آخر حاكم مملوكي لمصر، كما دخل مصر عام 1517م، وبعد ذلك صارت الخلافة العثمانية أقدر على مواجهة أوروبا، بعد أن أمنت ظهرها بقيادتها للعالم العربي.

ثم توجهت الخلافة العثمانية إلى محاربة أوروبا واستطاعت بسط نفوذها على أوروبا الشرقية من بلاد اليونان والبلغار والصرب، ووصلت إلى فيينا وسط أوروبا مرتين الأولى عام 1529م، والثانية عام 1683م.

أما الناحية العلمية فإن الإبداع لم يتوقف في عصر المماليك والعثمانيين، ففي مجال العلوم النقلية فإن عصر المماليك شهد حضور عدد كيبر من العلماء الكبار من أمثال ابن تيمية والعز بن عبدالسلام. والقرافي وابن حجر العسقلاني وابن منظور والقلقشندي الذين كتبوا  عشرات الكتب التي تعتبر مراجع في التاريخ الفكري والديني للأمة في مجال الرد على المنطق اليوناني والفلسفة، والتأصيل لعلوم السنة النبوية، وتدوين المعاجم والتفسير، وشرح الحديث، والتاريخ و في مجال تبيان عدم تعارض العقل والنقل الخ….، كما تم اختراع وابتكار عدد من العلوم  في هذه الفترة التاريخية، فقد ابتكر ابن خلدون علم العمران، كما ابتكر الشاطبي علم المقاصد.

وفي مجال العلوم العقلية، فقد أشار الدكتور جورج صليبا في كتاب” الفكر العلمي العربي: نشأته وتطوره”  الذي درس علم الفلك في الحضارة الإسلامية، وهو من أرقى المتخصصين في علم الفلك في العصر الحديث، فوجد أن علم الفلك لم يشهد  انحطاطا في عصري المماليك والعثمانيين، بل شهد اختراعاً لنظريات جديدة، وردوداً على بطليموس، ورقياً فاق العصور السابقة، وذكر أسماء متعددة في هذا المجال، ومنها: شمس الدين الخفري (ت 957هـ)، الذي كان يقيم في دمشق، وكان معاصرا لكوبربنيكوس، والذي كان يتحلى بمقدرة رياضية ودراية في دور الرياضيات في صياغة العلوم، ندر أن يوجد مثلها في أعمال الذين أتوا قبل القرن السابع عشر.

واقترح جورج صليبا أن تدرس العلوم المختلفة من رياضيات وكيمياء وفيزياء وصيدلة وطب في عهدي المماليك والعثمانيين دراسة تفصيلية، كما درس هو علم الفلك، وأكد أن الدارسين سيجدون اختراعات وابتكارات وتقدماً في العلم الذي يدرسونه، ينفي صفة الانحطاط عن عصري المماليك والعثمانيين.

أما العلوم الدنيوية فقد اكتشف العثمانيون وجود الجراثيم والميكروبات، وقاموا بمحاولات للطيران العادي والطيران النفاث، كما كانت المدفعية العثمانية أقوى مدفعية بلا منازع حتى عام 1700م، كما صنع العثمانيون في زمن محمد الفاتح (1432 – 1481 م) مدافع جبارة تستطيع خرق سور من الحجر سماكته إثنا عشر متراً، واخترع العثمانيون المدافع المتحركة ومدافع الهاون واستعملوها لأول مرة زمن السلطان سليم الأول.

وكانت صناعة السفن متقدمة أيضاً والأسطول العثماني ظل حتى عام 1868 ثالث أقوى أسطول في العالم بعد الأسطولين الإنكليزي والفرنسي، كما اكتشف العثمانيون أمريكا قبل كريستوفر كولومبوس، واكتشفوا القطب الجنوبي ورسموا تضاريسه بالتفصيل.

كما أنشأ العثمانييون أول جامعة للطب في أواخر القرن الرابع عشر الميلادي سموها (دار الطب)، ثم تم إنشاء المجمع الطبي في القرن الخامس عشر ومن رواده شرف الدين الصابونجي الأماسي العالم في الأدوات الجراحية والمطور لها، وداود الأنطاكي صاحب الدراسات عن المخ والكتاب الشهير حول الأدوية الطبيعية، وأخي جلبي صاحب الأبحاث حول المسالك البولية، وطبيب التوليد الشهير عياشلي شعبان، والعالم النفساني مؤمن السينوبي صاحب كتاب من 25 مجلدا حول الأمراض العقلية والنفسية والعصبية.

لم يكن هناك عصر انحطاط في تاريخنا، بمعنى موات الجانبيين: العقلي والعلمي من جهة، والاجتماعي والجماعي من جهة ثانية، بل هناك ضعف وبعض الوهن والتأخر الذي أصابنا في الجانبين العلمي والاجتماعي الجماعي بالمقارنة مع العصور السابقة، وكان بالإمكان تدارك ذلك الضعف والتأخر لولا مداهمة الاستعمار الغربي لمعظم بلادنا واحتلالها في القرن التاسع عشر والعشرين، وزيادة حجم التأخر والضعف، ثم التخطيط لتدمير وحدتنا الثقافية، وتفتيت وحدتنا الاجتماعية والعرقية والسياسية، ونجح في ذلك  في كثير من المواضع والأماكن بكل أسف.

تحقيب وتقسيم التاريخ الإسلامي

من أين جاءنا هذا التحقيب والتقسيم لتاريخنا؟ أعني تحقيب تاريخنا إلى عصرنشأة، ثم عصر ازدهار، ثم عصر انحطاط، ثم عصر نهضة، لقد جاء هذا التقييم من الغرب وقام به المستشرقون من الغرب، والمتغربون من أبناء جلدتنا في الشرق، الذين أسقطوا تاريخ أوروبا على تاريخنا.

فقد عرف تاريخ أوروبا هذا التحقيب فعرف وجود عصر انحطاط، وهي العصور الوسطى التي سادت فيها الكنيسة، والطبقة الإقطاعية، ثم جاء عصر النهضة الذي أنقذ أوروبا من خرافات الكنيسة، وأطلق العقل من إساره، وبدأت الاختراعات العلمية، وأنهى دولة الحق الإلهي ليبدأ الحكم الجمهوري القائم على حرية الرأي والانتخابات.

وعلى سنة تقليد الغرب، وإسقاط كل قضاياه على تاريخنا، وكان هذا التحقيب لتاريخنا الذي يبدأ بعصر نشأة، ثم ينتهي بعصري انحطاط ونهضة، كما هو عند الغرب، مع أن الدراسة الموضوعية للتاريخ تبين وتؤكد أنه ليس هناك عصر انحطاط في تاريخنا.

الخلاصة:

تحدث بعض الدارسين عن وجود عصر انحطاط في تاريخنا بمعنى: موات الناحيتين العلمية والاجتماعية في حضارتنا، وبخاصة في العهدين المملوكي والعثماني، وقد بيّنا خطأ هذا الحكم وعدم علميته وموضوعيته.

ظهرت المقالة لا ليس هناك عصر انحطاط في تاريخنا أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%84%d8%a7-%d9%84%d9%8a%d8%b3-%d9%87%d9%86%d8%a7%d9%83-%d8%b9%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%86%d8%ad%d8%b7%d8%a7%d8%b7-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae%d9%86%d8%a7/feed/ 0 1045
العثمانيون https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%ab%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%8a%d9%88%d9%86/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%ab%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%8a%d9%88%d9%86/#respond Wed, 13 Dec 2017 21:17:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=2335 ارتسمت في عقول وذاكرة الناس والاجيال صورة سيئة عن الدولة العثمانية لاسباب تعود لكتابات المؤرخين المغرضين من المتحاملين على الاسلام من عرب وعجم او الاستعمار نفسه الغربي والحركة الصهيونية العالمية؛لكن الوجه المشرق للخلافة تناسوه عمدا لتشويه تاريخها .الدولة العثمانية الاسلامية كانت حقيقة دولة حضارية متطوّرة سبقت العالم بأسره وعلى رأسه […]

ظهرت المقالة العثمانيون أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
ارتسمت في عقول وذاكرة الناس والاجيال صورة سيئة عن الدولة العثمانية لاسباب تعود لكتابات المؤرخين المغرضين من المتحاملين على الاسلام من عرب وعجم او الاستعمار نفسه الغربي والحركة الصهيونية العالمية؛لكن الوجه المشرق للخلافة تناسوه عمدا لتشويه تاريخها .الدولة العثمانية الاسلامية كانت حقيقة دولة حضارية متطوّرة سبقت العالم بأسره وعلى رأسه العالم الغربي في كثير من الاختراعات والاكتشافات الهامة، لكن المؤرخين نسبوا بعضا منها لعلماء غير مسلمين أو أن التاريخ لم ينصف العثمانيين لضعفهم في اواخر عهد الخلافة لان القوي/أو المنتصر هو عادة من يكتب التاريخ.
هذا ورغم التهميش والتعمّد في وصم الخلافة العثمانية الاسلامية العثمانية بالتخلف والرجعية، فالشمس عادة لا يمكن اخفاؤها بغربال، فهاك اخي القاريء نماذج لا غير من تلك الحضارة التي ظلمت وهمّشها المؤرخون وتطاول عليها المغرضون:

اكتشف العثمانيون أمريكا قبل كولومبوس

في 26 آب سنة 1956 عقدت في جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة الأمريكية ندوة حول (خرائط الريّس بيري) قائد الأسطول العثماني في البحر المتوسط والخليج، اتفق كل الجغرافيين المشاركين فيها أن خرائط الريس بيري والتي سبقت كولومبوس ورسمت فيها سواحل القارة الأمريكية (هي اكتشاف خارق للعادة).
(الريّس بيري) مولود في غاليبولي ولكنه اتخذ من السويس في مصر مقراً له، حيث كان أهدى للسلطان سليم الأول في مصر عام 1517 م خريطتين هامتين جداً:

  • الخريطة الأولى هي لإسبانيا وغرب إفريقية والمحيط الأطلسي والسواحل الشرقية لأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية بقياس (60 × 85 سم).
  • والثانية خريطة لسواحل الأطلسي من جرينلند إلى فلوريدا (68 ×69 سم) وهما محفوظتان في متحف (توب كابي) في استـانبول.

هاتان الخريطتان هما أقدم خريطتين في العالم تظهر فيهما القارة الأمريكية.

الريس بيري كان على معرفة بوجود أمريكا وشكل سواحلها وتضاريسها قبل اكتشافها من قبل كولومبوس وهو قال في كتابه الشهير الضخم: ((البحرية)) ما يلي:

“إن بحر المغرب – اسم المحيط الأطلسي في تلك الأيام – بحر عظيم يمتد بعرض 2000 ميل تجاه الغرب من ميناء سبته وفي الجانب الآخر من البحر توجد قارة هي قارة أنتيليا (أي الدنيا الجديدة)”.

وقد كتب الريس بيري هذا الكتاب وكتب أن القارة الجديدة اكتشفت عام 870 هجري أي عام 1465 ميلادي أي قبل رحلة كولومبوس لاكتشاف أمريكا بحوالي 27 سنة.

طبعاً من المعروف تاريخياً أن كولومبوس اعتمد على خرائط عربية أندلسية وبحارة عرب وحتى على اسطرلاب عربي في رحلته الشهيرة (راجع شمس العرب تسطع على الغرب للباحثة الألمانية زيغريد هونيكه)، ولكن أيضاً، كان مساعد كولومبوس في تلك الرحلة واسمه (رودريجو) شخصاً رافق الريس بيري في البحر ورافق عم الريس بيري وهو (الريس كمال) لفترة طويلة.

ومن المعروف أن البحارة في سفينة كولومبوس أعلنوا العصيان وثاروا على كولومبوس وأرادوا قتله عندما تأخر اكتشافهم لليابسة ووصولهم لأمريكا فوقف رودريجو حائلاً بينهم وبين كولومبوس ودافع عنه قائلاً:

“لا بد أن تكون في هذه المياه أرض لأنني تعلمت ذلك في استـنبول ومن الكتب البحرية العثمانية وأنا واثق أننا لا بد أن نصل إلى الأرض التي نبحث عنها، ذلك لأن البحارة العثمانيين لا يقدمون معلومات خاطئة وهم لا يكذبون”.

وبعد ثلاثة أيام من حديثه هذا وصلوا إلى اليابسة. (راجع العثمانيون في التاريخ والحضارة – د. محمد حرب).

القطب الجنوبي اكتشفه العثمانيون ورسموا تضاريسه بالتفصيل

يقول العالم والراهب الجزويتي لاين هام مدير مركز الأرصاد في ويستون بأمريكا: ((خرائط الريس بيري صحيحة بدرجة مذهلة للعقل خاصة أنها تظهر بوضوح أماكن لم تكن قد اكتشفت حتى أيامه في القرن السادس عشر الميلادي… إن الجانب المذهل في مكانة بيري هو رسمه لجبال أنتاركتيكا بتفاصيلها في ما رسمه من خرائط مع أن هذه الجبال لم يكن أحد قد تمكن من اكتشافها إلا في عام 1952 أي في النصف الثاني من القرن العشرين. وكيف؟ بعد استخدام أجهزة متقدمة عاكسة للصوت، أما قبل القائد العثماني الريس بيري يعني حتى القرن السادس عشر الميلادي لم يكن أحد يعرف أن أنتاركتيكا موجودة))
ويقول إريك فون دانكين في كتابه (عربات الآلهة): ((إنه بمقارنة صور الأرض التي التقطتها المركبات الفضائية مع تلك الخرائط التي كان القائد البحري العثماني الريس بيري قد رسمها في بدايات القرن السادس عشر، اتضح التشابه المذهل بين صور مركبات الفضاء وبين خرائط بيري))
ويقول العالم الفرنسي لاروش في موسوعته التي نشرها عام 1963 إن بيري كتب عن كروية الأرض قبل رحلة ماجلان ورسم خرائط لأمريكا “وإن هذا أمر يعلو ويتفوق كثيراً على علم الجغرافيا في ذلك القرن وعلى علم الجغرافيا لدى الغربيين”.

اكتشاف العثمانيون لوجود الجراثيم والميكروبات

الشيخ (آق شمس الدين) شيخ السلطان محمد الفاتح كان عالماً في الطبيعيات وطبيباً ماهراً. اهتم بالأمراض المعدية التي كانت تفتك بملايين الناس في ذلك الزمان..

وألف كتاباً حول ذلك باللغة التركية أسماه (مادة الحياة)، وضع فيه تعريفاً للجراثيم والميكروبات قبل لويس باستور بأربعة قرون، وقد قال في كتابه:

“من الخطأ تصور أن الأمراض تظهر على الأشخاص تلقائياً، فالأمراض تنتقل من شخص إلى آخر بطريق العدوى. هذه العدوى صغيرة ودقيقة إلى درجة عدم القدرة على رؤيتها بالعين المجردة، لكن هذه العدوى تحصل بواسطة بذور حية صغيرة”.

محاولات للطيران والطيران النفاث:

يحدثنا الرحالة والعالم العثماني الشهير أوليا جلبي الذي ذهب في رحلة لمدة 44 سنة زار فيها 23 بلداً يحدثنا عن شخص اسمه (أحمد جلبي هزار فن) وقف على مكان مرتفع في ميدان (أوق) باستانبول مرتدياً أجنحة من ريش النسر وذيلاً وطار في اتجاه الريح في تجربة للطيران، وقد قام بهذا العمل ثماني مرات ثم صعد أخيراً فوق برج (غالاطة) في العاصمة العثمانية وطار من قمة البرج مع اتجاه الرياح التي حملته حتى نزل في ميدان (دوغانجلير) بحضور السلطان مراد الرابع الذي كافأه بكيس مملوء من الذهب.. ويحدثنا أوليا عن شخص آخر يدعى حسن جلبي ركب جهازاً يمكننا وصفه بأنه أول صاروخ بدائي، ركبه وأشعل تلاميذه الفتيل فاشتعل البارود في داخله وصفر الصاروخ وانطلق طائرا في الجو وعليه أستاذهم، وعندما نفد البارود الموجود في الجهاز أفلته الأستاذ وبسط جناحين من ريش النسر وحاول الطيران بهما هكذا حتى سقط في البحر.. وأيضاً انطلق السلطان وراءه إلى شاطئ البحر وكافأه بمرتب مقداره سبعون (أقجة).

الصناعة العثمانية

حتى عام 1700 كانت المدفعية العثمانية هي أقوى مدفعية في العالم بلا منازع وقد صنع العثمانيون زمن محمد الفاتح (1432 – 1481 م) مدافع جبارة تستطيع خرق سور من الحجر سماكته إثنا عشر متراً، واخترع العثمانيون المدافع المتحركة ومدافع الهاون واستعملوها لأول مرة زمن سليم الأول. وكان هناك في الجيش العثماني الواحد ما لا يقل عن إثني عشر ألف جمل لجر المدافع الثقيلة جداً.
وصناعة السفن كانت متقدمة أيضاً والأسطول العثماني ظل حتى عام 1868 ثالث أقوى أسطول في العالم بعد الأسطولين الإنكليزي والفرنسي
يعتقد البعض أن الجيش العثماني كان مجموعة من الحفاة العراة الجوعى ولكن هذه شهادة من الجنرال النمساوي كونت فارسكلي الذي أمضى حياته كلها في محاربة العثمانيين، يقول: ((وصل التنظيم الاقتصادي العثماني إلى درجة عالية بحيث لم يكن يعادلها نظير في الحكومات (الغربية) .. من أسباب القدرة على الحركة العسكرية الموفقة للجيش العثماني هي جودة الأطعمة وعنايتهم بالحيوانات وهذه كلها أكثر دقة مما هي عليه عندنا وهي أكثر جودة في التنظيم…)) (العثمانيون في التاريخ والحضارة – د. محمد حرب)

المجمع الطبي العثماني

تم إنشاء أول جامعة للطب عند العثمانيين في أواخر القرن الرابع عشر الميلادي سموها (دار الطب) ثم تم إنشاء المجمع الطبي في القرن الخامس عشر ومن رواده شرف الدين الصابونجي الأماسي العالم في الأدوات الجراحية والمطور لها. وداود الأنطاكي صاحب الدراسات عن المخ والكتاب الشهير حول الأدوية الطبيعية. وأخي جلبي صاحب الأبحاث حول المسالك البولية. وطبيب التوليد الشهير عياشلي شعبان. والعالم النفساني مؤمن السينوبي صاحب كتاب من 25 مجلدا حول الأمراض العقلية والنفسية والعصبية.. وقد خصص العثمانيون مشافي خاصة لهذه الأمراض في ذلك الوقت الذي كان الأوربيون فيه يحرقون المرضى العقليين والنفسيين بالنار بحجة إخراج الشيطان منهم بل استمروا في ذلك حتى القرن الثامن عشر.

يقول الدكتور الفرنسي (آبينج كرافت) في كتابه عن علم الأمراض العقلية الصادر في باريس سنة 1898: “إن أوروبا قد تعلمت من العثمانيين معالجة المصابين بالأمراض العقلية”.

في القرن الخامس عشر بدأ الأطباء العثمانيون في معالجة المرضى النفسيين والعصبيين بالموسيقى، وهو أمر لم يقم به الأطباء في عصرنا إلا في الولايات المتحدة بدءاً من سنة 1956.

كلمة أخيرة

أنا لا أدافع عن العثمانيين هنا .. أنا أدافع عن العقل العربي وضرورة معرفته بحقائق الأمور، وعن الموضوعية في نظرتنا للتاريخ، وعن ضرورة احترام عقولنا من قبل من يكتب عن العثمانيين ويشيطنهم ويجعلهم شراً مطلقاً.. العثمانيون لم يكونوا شراً مطلقاً بل هم مثل بقية الأمم.. العثمانيون لهم سلبياتهم ولهم إيجابياتهم.

وبالنسبة لتاريخهم لا بد أن ندرك أن الدولة العثمانية مرت بعدة مراحل وهي أخذت في الانحدار منذ تسللت المرأة اليهودية روكسلان إلى قصر السلطان سليمان القانوني وجعلته يتزوجها ثم جعلته يقتل ابنه ولي العهد ثم استلم أولادها الحكم وابتدأ التخريب يأكل جسم الدولة العثمانية واستمرت الدولة بالانحدار إلى عهد السلطان عبد الحميد الثاني الذي حاول إنقاذها من براثن يهود الدونمة والمنظمات الماسونية لكنه لم ينجح في ذلك وحاول تحديث الدولة مستعيناً بخبرات ألمانية وفي عهده بالذات دخلت الكهرباء وخطوط الهاتف إلى سورية وكذلك التلغراف وخدمة البريد والترام الكهربائي وسكك الحديد والقطارات وأوائل الطائرات والطباعة وأسطول السفن الحديدية التجارية وأوائل السيارات وكذلك تم تعبيد الطرق ورصفها بالحجارة وتغطية الأسواق التجارية كسوق الحميدية.

وافتتحت المدارس والبنوك الخاصة والعامة كالبنك السلطاني والبانق السوري الفلسطيني وبنك مرقدة والمشافي الكبيرة كمشفى الغرباء في دمشق، وجرى أول عرض جوي لطيارين عثمانيين في سماء دمشق حيث رأى الناس لأول مرة طائرة تطير.. وبإمكانكم الإطلاع على تفاصيل دخول هذه التقنيات وعدد من الصناعات والتجارات والحرف إلى سورية في كتاب (خطط الشام) لمحمد كرد علي .. وكتاب معجم الصناعات الدمشقية .. ومنتخبات التواريخ لدمشق لمحمد أديب تقي الدين الحصني.. وغيرها من المصادر المختصة.

وقد تجنب السلطان عبد الحميد إدخال الدولة العثمانية في أي حرب لمعرفته بنتائجها الكارثية ورغم أن الروس زحفوا إلى مقربة من استانبول فقد سالمهم وتدبر أمرهم وهو رفض الدخول في حرب عالمية إلى جانب أي طرف وفقط بعد أن أقيل السلطان عبد الحميد تمكن يهود الدونمة من توريط الدولة العثمانية في الحرب العالمية مما أدى إلى كل ذلك الفقر والمجاعات والكوارث والهزائم والثورات الشعبية وبالتالي وقوع المجازر والإعدامات والفظاعات التي مارسها يهود الدونمة (مثل جمال السفاح) في حق مختلف الشعوب في محاولة لإثارة الشعوب على العثمانيين وفرط الدولة من داخلها وهو ما حدث بالفعل.

وهدفهم كان واضحاً للعيان (فإسرائيل) لا يمكن أن تقوم على جزء من امبراطورية إسلامية كبيرة كالدولة العثمانية ولذلك كان لابد من جعل تلك الامبراطورية تمرض ثم تموت وجعل الدول الاستعمارية الكبرى تتقاسم تركتها، وتزرع بالقوة هذا الكيان الغريب بين أوصالها .. بهذه المناسبة دعونا أخيراً نسجل كلمة عرفان للسلطان عبد الحميد الذي دفع عرشه وحريته ثمناً لموقفه الشريف في رفض بيع فلسطين للصهاينة وفي منع هجرة أي مستوطن يهودي إليها رغم المبلغ الهائل الذي عرضه عليه (تيودور هرتزل) و(قره صوه) مرات ومرات ورغم الترهيب والترغيب الذي تعرض له وانتهى بالانقلاب العسكري عليه والإطاحة به.

اهتم العثمانيون منذ البداية بالمؤسسات العلمية فمنذ وضع حجر اساس الدولة في بداياتها أمر أورخان غازي بإقامة مدرسة بجانب الجامع الكبير في ازنيق عام 1331م وفيما بعد أُسست مدرسة أخرى في بورصة عام 1335م، وخلال عهود مراد الأول ومحمد الجلبي ومراد الثاني شهدت الحركة العلمية في الدولة إزدهاراً تدريجياً حيث راح كل سلطان يقيم مؤسسات علمية في شتى بقاع الدولة العثمانية حيث كانت هذه المؤسسات عاملاً مهماً لإنتشار الثقافة الإسلامية في مناطق الروميلي خلال فترة قصيرة، وفي عهد السلطان محمد الفاتح أسس مدارس (صحن الثمان) في إسطنبول وسميت بهذا الإسم نسبتاً لعددها حيث كانت ثمان مدارس أُقيمت بجانب جامع الفاتح وقد قسمت هذه المدارس إلى مدارس عالية ومتوسطة وإبتدائية وكان يُدرس فيها شتى أنواع العلوم والشريعة، وإن المدة التي كان يدرس فيها الطالب لم تكن محسومة بل كانت مرتبطة بالفترة الزمنية التي ينهي فيها الطالب دراسة الكتب التي يتعلمها فإن لم يرى المعلم أن الطالب قد أتقن ما تعلمه لم يكن ينتقل إلى كتاب آخر ،ويعود هذا الإهتمام البالغ في التعليم لدى الفاتح منذ صغره حيث تربى ونشأ على حبه وشغفه بالعلم، وتربى على يد كبار العلماء وتأثر بهم كالشيخ (آق شمس الدين)، فهو كما قال عنه المؤرخ علي الآقسكي:

كان الشيخ آق شمس الدين “عالماً وجامعاً في نفسه كل ما يجب توافره فيمن يتولى الحكم من الأوصاف والمزايا…، وكان الفاتح عالماً كبيراً في العلوم الشرعية ومحباً لسائر العلوم والفنون”.

وإن هذه الصورة لتتضح في وصيته لابنه وهو على فراش الموت؛ فقد جاء فيها:

“… وبما أن العلماء هم بمنزلة القوة المبثوثة في جسم الدولة، فعظِّم جانبهم وشجعهم، وإذا سمعت بأحدٍ منهم في بلد آخر فاستقدمه إليك، وأكرمه بالمال”.

في عهد السلطان سليمان القانوني وعلى أثر شعور الدولة بضرورة التطور في العلوم الرياضية والطبية أقام السلطان أربع مدارس لعلوم الرياضيات ومدرسة للطب ومدرسة دار الحديث.

وفي عام 1557م تم إنشاء كلية السليمانية بإشراف المعمار سنان، و حسب ما روى المؤرخ (باجوي) عمل في بناء الكلية 3523 عامل وتم صرف مبالغ كبيرة عليها وتم نقل مختلف أنواع الأحجار والأعمدة إليها من جزيرة بوزجه وازميت وغزة ولبنان وغيرها من المدن، وقُسّمت الكلية إلى 15 قسم من بين أقسامها الجامع ومدرسة الطب ومشفى الأمراض العقلية ومدرسة الحديث والمطبعة ودار الضيافة وضريح المعمار سنان.
وفي عام 1901م أمر السلطان عبد الحميد الثاني بتأسيس أول مدرسة طبية في دمشق، وتم تأسيس مدرسة الحقوق في بيروت عام 1913م التي نُقِلت إلى دمشق بعد اندلاع الحرب العالمية.
يجدر بالذكر أن المدارس الرسمية في فلسطين حتى نهاية العهد العثماني كانت لجميع الطوائف حيث بلغ عددها (776) مدرسة منها:

  • 413 مدرسة عربية إسلامية.
  • 250 مدرسة مسيحية.
  • 113مدرسة يهودية.

وهذه الإحصائيات تشير بوضوح إلى أن الدولة العثمانية سمحت لجميع الطوائف بممارسة حقها في التعليم لا كما يشاع عنها.

كان الهدف الأساسي من تأسيس مثل هذه المؤسسات العلمية هو إنشاء جيل واعي مفكر قادر على قيادة المجتمع والمضي به إلى الأفضل، فهدفت إلى توفير فئة من الإداريين وفئة أخرى من المدرسين الذين يمكنهم متابعة العملية التعليمية مستقبلاً وإعداد القضاة والحكام في الولايات المختلفة للإمبراطورية العثمانية ،وقد أدت هذه المدارس مهمتها خلال تلك المرحلة.

ظهرت المقالة العثمانيون أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%ab%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%8a%d9%88%d9%86/feed/ 0 2335
لماذا اختار المسلمون الهجرة مبتدأ لتأريخهم؟ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%ac%d8%b1%d8%a9/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%ac%d8%b1%d8%a9/#respond Tue, 17 Mar 2009 07:01:51 +0000 http://onlinedawa.org/alommah/?p=174 مرت علينا الآن ذكرى الهجرة، وهي ذكرى عظيمة، تنقلنا من عام إلى عام، وهي إذ تمر علينا تذكرنا بانتصارات المسلمين السابقة، وبالتضحيات التي قدمها جيل الصحابة العظيم من أجل بناء الأمة، وإيجاد أرض لهذه الأمة. وإن أبرز ما يستوقف المسلم في انطواء عام هجري ودخول عام هجري جديد هو التساؤل […]

ظهرت المقالة لماذا اختار المسلمون الهجرة مبتدأ لتأريخهم؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
مرت علينا الآن ذكرى الهجرة، وهي ذكرى عظيمة، تنقلنا من عام إلى عام، وهي إذ تمر علينا تذكرنا بانتصارات المسلمين السابقة، وبالتضحيات التي قدمها جيل الصحابة العظيم من أجل بناء الأمة، وإيجاد أرض لهذه الأمة. وإن أبرز ما يستوقف المسلم في انطواء عام هجري ودخول عام هجري جديد هو التساؤل أمام سر اختيار المسلمين للهجرة مبتدأ لتاريخهم، وهو اختيار غريب بكل المقاييس في ضوء تقاليد الأمم والشعوب السابقة والمعاصرة لهم التي كانت تختار تاريخاً مرتبطاً بملوكهم وأنبيائهم، كما حدث مع الرومان عندما سموا الأشهر بأسماء قياصرتهم،

وكما حدث مع المسيحيين الذين ربطوا التاريخ بميلاد عيسى عليه السلام ، لكن هذا الاستغراب يزول إذا عرفنا أن الإسلام وتربية الرسول صلى الله عليه وسلم صاغا القيادات الإسلامية صياغة جديدة تعي دور المنهج في تحريك التاريخ، وتعي دور الأشخاص في بناء الأمم، وتقدم المنهج على دور الأشخاص، وهذا ما سنجد تفصيله في مقال أنزلناه في هذا العدد وكنّا أجبنا فيه عن ثلاث تساؤلات: لماذا كان عمر بن الخطاب هو الذي اختار بداية التاريخ الإسلامي؟ ولماذ لم يعتمد المسلمون التواريخ التي كانت سائدة في محيطهم الثقافي؟ وما الذي يعنيه هذا الاختيار؟

لماذا اختار المسلمون الهجرة مبتدأ لتأريخهم؟

نقلت الروايات التاريخية أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي اختار الهجرة مبتدأً للتاريخ الإسلامي، والمتأمل بهذه الواقعة ترد على خاطره عدة أسئلة منها:

لماذا كان عمر بن الخطاب هو الذي اختار بداية التاريخ الإسلامي؟

ولماذا لم يعتمد المسلمون التواريخ التي كانت سائدة في محيطهم الثقافي؟

وما الذي يعنيه هذا الاختيار؟

لماذا كان عمر بن الخطاب هو الذي اختار بداية التاريخ الإسلامي؟

أما بالنسبة للسؤال الأول فإنه ليس ذلك بعيداً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه المؤسس الأول لقواعد الحكم الإسلامي في مختلف المجالات، فقد تمت الفتوحات الكبرى في عهده وأنشأ الدواوين، ونظم القضاء، وأحكم نظام الشورى إلخ …،

لذلك ليس بعيداً على رجل مثل عمر بن الخطاب أن يفكر في وضع بداية متميزة للتاريخ الإسلامي، لأنّ هذه الخطوة تكون استكمالاً للدولة التي وضع عمر بن الخطاب قواعد بنيانها.

لكن ليس معنى هذا أنّ عمر بن الخطاب هو الذي انفرد بمثل هذا القرار، ولابدّ أنه خضع للمشاورة مع الصحابة الآخرين، ككل القرارات الأخرى التي أخذها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والتي أخضعها للحوار المفتوح والمشاورة مع أهل الرأي من الصحابة رضي الله عنهم.

كما حدث في عدم توزيع أرض سواد العراق على المقاتلين المسلمين، فكانت الحصيلة اعتماد الهجرة مبتدأ للتاريخ الإسلامي وليس شيئاً غير الهجرة.

ولماذا لم يعتمد المسلمون التواريخ التي كانت سائدة في محيطهم الثقافي؟

أما بالنسبة للسؤال الثاني فإنّ المسلمين لم يقلّدوا الآخرين في اتباع تاريخ من تواريخهم وذلك لامتلاء ذواتهم بشخصيتهم الحضارية المتميزة، وقد ساهم في تكوين ذلك الامتلاء ثلاثة أمور:

الأول:

الإيمان بالرسالة المنوطة بهم المتمثلة في قوله تعالى:

(وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطاً لتكونوا شُهداءَ على الناسِ ويكون الرسولُ عليكم شهيداً) (البقرة،143).

وفي قوله تعالى:

(كنتم خيرَ أمةٍ أخرجَتْ للناسِ تأمرون بالمعروفِ وتَنْهَوْنَ عن المنكرِ وتؤمنونَ باللهِ) (آل عمران،110).

والتي عبّر عنها ربعيّ بن عامر رضي الله عنه عند مواجهته لرستم قائد الفرس في قوله:

“جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام”.

الثاني:

الاعتقاد بأحقية الدين الإسلامي وبأنه آخر الأديان وأكملها، وبأنّ محمداً صلى الله عليه وسلم سيد الرسل وخاتمهم، وبأنّ القرآن الكريم معجزة الله الأخيرة للبشر.

الثالث:

تَمَيُّزُهم في عقائدهم وعبادتهم وأذانهم وصلاتهم وشعائرهم إلخ …، وكان هذا التميّز ثمرة من ثمرات توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم ومقتضيات الصراط المستقيم الذي يوجب مخالفة أصحاب الجحيم.

لقد ولّدت الأمور السابقة غنى في نفوس المسلمين، وثقة في المنهج، وتميزاً في السلوك، وإحساساً بالدور التاريخي الجديد الذي يجب أن يكون من مقتضاه تأريخاً متميزاً.

وما الذي يعنيه هذا الاختيار؟

أما بالنسبة للسؤال الثالث عن معاني اختيار الهجرة كمبتدأ للتاريخ الإسلامي فتفرض عدة أسئلة نفسها على الباحث في هذا المجال أولها:

لماذا لم يختر الصحابة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم منطلقاً للتاريخ الإسلامي؟

ومن المعلوم أنّ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم كان عام الفيل، وهو العام الذي قصد فيه أبرهه الحبشي الكعبة ليهدمها وجلب معه الفيلة في حملته تلك، ولكن الله حفظ الكعبة وحدثت المعجزة بأن سلط عليهم طيراً أبابيل فأهلكتهم، وتحدثت عن ذلك “سورة الفيل” في القرآن الكريم.

ومما يقوّي هذا الاتجاه بأنّ دولة الروم كانت قد اتخذت ولادة المسيح عليه السلام منطلقاً لتأريخها.

وكان مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ليس مولداً نكرة بل كان مولداً مترافقاً مع أحداث بارزة ومشهورة في كل الجزيرة العربية عززته آيات قرآنية.

فلماذا لم يجعل المسلمون من مولد الرسول صلى الله عليه وسلم منطلقاً لتأريخهم الخاص بهم؟

تقديم الرسالة على الرسول

أرجّح أنّ ذلك ثمرة لتربيتهم القائمة على تقديم المنهج على الشخص، وتقديم الرسالة على الرسول، وقد رسخ الإسلام ذلك ويتضح ذلك بعدة وقائع منها:

  • تسمية دينهم الإسلام وليس “الدين المحمدي” أو “المحمدية”.
  • تسميتهم المسلمين وليس “المحمديين”.
  • تقديم قول الرسول صلى الله عليه وسلم على فعله في أصول الفقه في حال تعارضهما لأنّ القول يعني الرسالة والفعل يعني الرسول.

بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم

ومما ينمي هذا الاتجاه تأكيد القرآن الكريم على بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم في عدة آيات منها قوله تعالى:

(قُلْ إنما أنا بشرٌ مِثْلُكُم يوحَى إلَيَّ أَنَّما إلَهُكُم إلَهٌ واحدٌ فَمَن كان يرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيعمَلْ عملاً صالِحاً ولا يُشْرِكْ بعبادةِ رَبِّهِ أَحَداً) (الكهف،110).

وإبراز بعض أفعاله التي خالفت الأَوْلى من مثل اتخاذه الأسرى بعد غزوة بدر حيث قال تعالى:

(ما كان لنبيٍ أن يكونَ لهُ أسرَى حتى يُثْخِنَ في الأرضِ تُريدونَ عَرَضَ الدنيا واللهُ يُريدُ الآخرةَ واللهُ عزيزٌ حكيمٌ) (الأنفال،67).

ومن مثل إعراضه عن عبدالله بن أم مكتوم طمعاً في إسلام وجهاء قريش فقال تعالى:

(عَبَسَ وتَوَلَّى . أن جاءَهُ الأعْمى . وما يُدْريكَ لعلّهُ يزَّكَّى . أو يذَّكَّرُ فتنفَعَهُ الذّكْرى. أمّا مَنِ اسْتَغْنى . فأنتَ لهُ تَصَدَّى . وما عليكَ ألاَّ يَزَّكَّى) (عبس،1-7).

إنّ تقديم الرسالة على الرسول والمنهج على الشخص لا يتعارض بحال من الأحوال مع تعلّق المسلمين بالرسول صلى الله عليه وسلم وحبّهم إياه أكثر من أولادهم وذواتهم، واتخاذه قدوة لهم، ولا يتعارض مع اعتقادهم أنه سيد ولد آدم، وأنه خير الرسل وإمامهم، وأنه الرحمة المهداة إلى البشرية كما قال تعالى:

(وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالَمينَ) (الأنبياء،107).

وأنه خير العابدين على وجه الأرض. لا تعارض بين كل ذلك التعظيم والتوقير والتقدير للرسول صلى الله عليه وسلم وبين تقديم الرسالة على شخصه لأنّ الإسلام هو الذي وجههم إلى تلك الأفعال وهو الذي رسّخ في حسّهم ذلك التقديم.

إنّ تقديم الرسالة على الرسول وتقديم المنهج على الشخص كانت نقلة نوعية في تاريخ البشرية، لأنّ معظم الضلال الذي وقعت فيه الأمم السابقة على الإسلام كان من تعظيمهم الأشخاص وتقديمهم على المنهج والوقوع بالتالي في تأليههم وعبادتهم بعد ذلك.

الخلاصة

إنّ اختيار الصحابة للهجرة وليس ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثمرة التربية السابقة التي تقوم على تقديم المنهج على الشخص وتقديم الرسالة على الرسول.

فالهجرة كانت جزءاً من حركة الرسالة على الأرض، وكانت منعطفاً مهماً في حياة المسلمين.

وكانت نقلة نوعية في المجتمع الإسلامي إذ نقلتهم من الاستضعاف إلى التمكين، ومن الدعوة إلى الدولة، ومن الجماعة إلى الأمة، لذلك اختيرت الهجرة لتكون مبتدأً لتأريخهم.

ظهرت المقالة لماذا اختار المسلمون الهجرة مبتدأ لتأريخهم؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%ac%d8%b1%d8%a9/feed/ 0 174
بماذا امتازت حضارتنا؟ https://www.al-ommah.com/%d8%a8%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7_%d8%a7%d9%85%d8%aa%d8%a7%d8%b2%d8%aa_-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b6%d8%a7%d8%b1%d8%a9_%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9/ https://www.al-ommah.com/%d8%a8%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7_%d8%a7%d9%85%d8%aa%d8%a7%d8%b2%d8%aa_-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b6%d8%a7%d8%b1%d8%a9_%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9/#respond Mon, 16 Jul 2001 04:14:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=2469 العالمية يلحظ الدارس لأوضاع الحضارة الإسلامية امتيازها بإنجازات لم تنجزها الحضارات الأخرى، ومن هذه الإنجازات: تحقيق العالمية وامتزاج الشعوب بين بعضها بعضاً. وإعطاء الفرصة لكل الأعراق والأجناس والشعوب من أجل أن تساهم في تكوين الحضارة الإسلامية وتقديم ما تحسنه من أجل استمرارها. ويؤكد ذلك استعراض القائمين على كل فن من فنون […]

ظهرت المقالة بماذا امتازت حضارتنا؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>

العالمية

يلحظ الدارس لأوضاع الحضارة الإسلامية امتيازها بإنجازات لم تنجزها الحضارات الأخرى، ومن هذه الإنجازات:

  • تحقيق العالمية وامتزاج الشعوب بين بعضها بعضاً.
  • وإعطاء الفرصة لكل الأعراق والأجناس والشعوب من أجل أن تساهم في تكوين الحضارة الإسلامية وتقديم ما تحسنه من أجل استمرارها.

ويؤكد ذلك استعراض القائمين على كل فن من فنون الحضارة، أو عِلْمٍ من علومها، أو مجال من مجالاتها، فسنجد ذلك الفن أو العلم أو المجال مملوءاً بأسماء من كل الأجناس والأعراق والشعوب كالعرب والفرس والترك والكُرد إلخ…

والسبب في ذلك بسيط ومعروف ويعود إلى:

  • أن الدين الإسلامي ليس ديناً خاصاً بالعرب.
  •  لم يبعث الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم للعرب وحدهم.
  • لم ينـزل القرآن الكريم من أجل هداية العرب وحدهم، إنما الدين الإسلامي والرسول محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم لكل الأجناس والأعراق والشعوب.

وقد وردت عدة آيات تبرز المعنى السابق منها قوله تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء،107)، وقوله تعالى أيضاً: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) (الأعراف،158) وقوله تعالى عن القرآن الكريم: (إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) (يوسف،104).

وقد تحققت العالمية في واقع الحضارة الإسلامية بسبب آخر هو جعل الإسلام التقوى ميزان التفاضل وليس الجنس، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات،13).

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى” (رواه أحمد).

وتجدر الإشارة إلى أن الإسلام نجح في تحقيق العالمية والدمج بين الأعراق والأجناس والشعوب حيث فشلت في ذلك قيادات ومجتمعات أخر.

وأبرزها الاسكندر المقدوني الذي قصد إلى تحقيق العالمية في فتوحاته بتوجيه من أرسطو المعلّم الأول، لذلك أنشأ الاسكندر المقدوني مدناً كالإسكندرونة والإسكندرية من أجل أن تكون مراكز علمية تصدّر حضارة واحدة هي الحضارة الهلّينستية.

وحاول دمج العرقين اليوناني والفارسي في حفل الزواج الكبير الذي أقامه في بابل، وتزوج فيه ابنة كسرى أنوشروان، كما زوّج  ضباطه بنات رجال الدولة الفارسية. لكن أحلام الاسكندر المقدوني وأستاذه أرسطو من قصد دمج العرقين اليوناني والفارسي من أجل خلق حضارة عالمية تبخرت بعد وفاته ولم يتحقق منها شيء على أرض الواقع.

وتتضح قيمة حضارتنا العالمية إذا قارنّاها بواقع الحضارة الغربية التي أعلت من شأن الجنس الأبيض وحكمته في كل شؤون الحضارة الغربية ولم تتح للأعراق والشعوب والأجناس أن تأخذ دورها.

ففي أمريكا مثلاً التي قامت على خليط من الشعوب والأجناس والأعراق والتي يفترض أن تكون فرصة الأعراق والأجناس والشعوب الأخرى كبيرة. جاء جميع الرؤساء الأمريكيين من الجنس الأبيض، ومن العرق الأنغلوساكسوني، ومن المذهب البروتستانتي باستثناء رئيسين:

  • واحد جاء من المذهب الكاثوليكي هو الرئيس جون كيندي.
  • والثاني جاء من العرق الأسود وهو الرئيس أوباما.

سعة الإعمار

ومن الأمور التي امتازت بها حضارتنا سعة الإعمار الذي طال الإنسان والحيوان والزراعة والتجارة والصناعة والعلوم والفنون والبناء إلخ…. وقد جاء ذلك من أن الدين الإسلامي لم يحتقر الدنيا، ولم يعتبرها دنساً يجب الابتعاد عنه, أو يجب إهماله من أجل الفوز بالآخرة، بل اعتبر إعمارها والتمتع بطيباتها عبادة ومجلبة للأجر كالصلاة والصيام بشرط توجّه القلب إلى الله عند القيام بذلك.

ويوضح ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم محرضاً على الإعمار: “إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل” (رواه أحمد).

ويوضحه أيضاً إعطاء المسلم الأجر الأخروي على قضاء الشهوة الخاصة التي اعتبرت دنساً يجب الابتعاد عنه في الأديان الأخرى، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : “إن في بضع أحدكم صدقة. قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر. قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر” (رواه مسلم).

ويوضحه تصريح الرسول بمحبوباته من الدنيا فكانت النساء إحداها، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة” (الجامع الصغير).

كما اعتبر الإسلام جلب المنفعة للناس سبباً وطريقاً إلى حب الله تعالى، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “الخلق كلهم عيال الله، فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله” (الجامع الصغير).

ويتصل بالإعمار تحريم الإسلام الرهبانية التي تعني الانقطاع عن الدنيا والالتفات إلى الآخرة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لكل نبي رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله عز وجل” (رواه أحمد).

ويتصل بذلك أيضاً تحريم تعذيب الجسد وقتل الطاقات، فقد نقلت الأحاديث أن ثلاثة من الصحابة سألوا إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم عن عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم فتقالّوها

وقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

قال أحدهم: فإني أصلّي الليل أبداً،

وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر،

وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً،

فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال: “أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله أني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني” (رواه البخاري).

خيرية الأمة الإسلامية

ومن الأمور التي امتازت بها حضارتنا إيجاد الآلية التي تجدد المجتمع، وتصحح الأخطاء، وتقوّم الانحرافات وذلك من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد اعتبر القرآن الكريم أن خيرية الأمة الإسلامية جاءت من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال تعالى:

(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (آل عمران،110).

وقد وضح القرآن الكريم أيضاً أن لعن بني اسرائيل جاء لأنهم قصّروا في القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة،78-79).

وقد اعتبر الفقه الإسلامي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، وإذا لم يقم به أحد من المسلمين فإن ذلك يكون سبباً في إثم الجميع.

وقد حذر الإسلام من نزول العذاب وإصابته الجميع إذا لم يقم المسلمون بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لتأمرنّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم” (رواه أحمد). وقال تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (الأنفال،25).

وقد وضّح الرسول صلى الله عليه وسلم في أحد أحاديثه أنه لابد للمسلم من أن يرتقي سلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أقل درجاته وهي الإنكار القلبي للمنكر لأن ذلك أضعف الإيمان.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” (رواه مسلم وأحمد). وفي رواية أخرى: “وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل”.

أسباب تعثر ميزات حضارتنا

 

تعثر العالمية

تعثرت الميزة الأولى في حضارتنا وهي دمج الأعراق والأجناس والشعوب في العصور الأولى. عندما لجأ الأمويون إلى سياسة التفرقة على أساس قبلي إذ كانوا يقدمون القيسية مرة، واليمانية مرة أخرى، مما أدى إلى بروز الشعوبية التي تخفض من شأن العرب.

ثم زالت تلك الظاهرة بمجيء العباسيين حيث أخذت  الأجناس الأخرى غير العربية دوراً كبيراً. وكان العرق الفارسي هو الأول في الحظوة إذ اعتمد العباسيون على تجنيد الفرس في إزالة الدولة الأموية. ثم انفتح الباب لبقية الأعراق، فبرز الأتراك، ثم تبعهم البويهيون والسلاجقة والزنكيون والأكراد إلخ…

وبلغ التمازج بين الأعراق والأجناس والشعوب ذروته في الفترة المملوكية إذ تسلّمت فيها أكثر من عشرين جنسية المناصب الأولى في الدولة. ثم انتقل منصب الإمامة الكبرى وهي الخلافة إلى العرق التركي والتي بقيت فيهم أربعمائة عام من 1516م إلى 1924م.

تعثر سعة الإعمار والخيرية في الأمة الإسلامية       

وبالنسبة للميزتين الأخريين في حضارتنا وهما سعة الإعمار وخلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أضعفهما انتشار التصوف ورسوخه في المجتمع الإسلامي.

فقد دعا التصوف إلى:

  • إهمال الدنيا.
  • تعذيب الجسد.
  • قتل الشهوات.
  • الانصراف عن المجتمع ومساوئه.
  • التوجه إلى الخلاص الفردي من خلال مقولة “دع الخلق للخالق”.

وكلها مقولات تتعارض مع الحقائق والمبادئ التي نادى بها الإسلام مما أدى إلى تقليص حجم البناء الحضاري في المجتمع الإسلامي، وإلى ضعف فاعلية تصحيح الانحرافات، وإلى فرز أمراض أخرى أبرزها:

  • الخطأ في فهم القضاء والقدر.
  • التوكل وحلول التواكل والكسل محلهما.

ولكن التصوف انحسر تأثيره في القرن الماضي بسبب العلماء المجددين الذين بيّنوا مخالفته لحقائق الدين الإسلامي من جهة، وبسب الاحتكاك بالحضارة الغربية التي تقوم على مبادئ مناقضة للتصوف من جهة ثانية.

ميزة حضارتنا الإسلامية : ايجاد الآلية التي تجدد المجتمع من موقع سعورس

ظهرت المقالة بماذا امتازت حضارتنا؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a8%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7_%d8%a7%d9%85%d8%aa%d8%a7%d8%b2%d8%aa_-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b6%d8%a7%d8%b1%d8%a9_%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9/feed/ 0 2469
علام قامت الحضارة الإسلامية؟ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%b2%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%85%d8%a9/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%b2%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%85%d8%a9/#respond Fri, 15 Dec 2000 03:32:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=2550 شكّل القرآن الكريم أساس الكيان الحضاري للمسلمين، فكان مرجعهم في كل شؤونهم، فاستمدوا منه أحكامهم التشريعية، وأخذوا منه تصوراتهم الدينية، واستندوا إليه في أحكامهم الفقهية إلخ… وقد كان ذلك تطبيقاً لبعض آيات القرآن الكريم التي وصفت القرآن الكريم بأنه تبيان لكل شيء، قال تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) […]

ظهرت المقالة علام قامت الحضارة الإسلامية؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>

شكّل القرآن الكريم أساس الكيان الحضاري للمسلمين، فكان مرجعهم في كل شؤونهم، فاستمدوا منه أحكامهم التشريعية، وأخذوا منه تصوراتهم الدينية، واستندوا إليه في أحكامهم الفقهية إلخ… وقد كان ذلك تطبيقاً لبعض آيات القرآن الكريم التي وصفت القرآن الكريم بأنه تبيان لكل شيء، قال تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) (النحل،89)، وقال تعالى: (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) (المائدة،15)، وقال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل،44)، (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ) (النحل،64).

وقد تعامل المسلمون مع القرآن على هذا الأساس فأصبح الكتاب ركيزة في كل بنائهم الحضاري، لكن القرآن الكريم ترافق اعتماده كمرجعية لكيان المسلمين الحضاري مع أمرين اثنين بناهما الرسول صلى الله عليه وسلم هما: النفوس العظيمة، والعقول الكبيرة، وهذه الأمور الثلاثة هي الأعمدة التي ارتفع عليها كيان المسلمين الحضاري، فما السند الرئيسي الذي استند إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في بناء النفوس العظيمة والعقول الكبيرة؟

كان التوحيد نقطة الاستناد الرئيسية في بناء النفوس العظيمة حيث قال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) (الأنبياء،25)، وتعني عبادة الله في أحد جوانبها الرئيسية: تعظيم الله، والخضوع له، والخوف من ناره ومقامه، ورجاء جنته تعالى، وحبه تعالى أكثر من كل محبوبات الدنيا، وقد جاءت الشعائر التعبدية من صلاة وصيام وحج لتغذي هذه الجوانب النفسية، فعندما يصلي المسلم يفعل ذلك تعظيماً لله تعالى على خلقه العظيم، وعندما يركع يفعل ذلك طمعاً في جنته تعالى وخوفاً من ناره، وعندما يسجد يفعل ذلك حمداً لله تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وعندما يصوم المسلم ويمتنع عن أهم شهوتين هما: الطعام والنساء يفعل ذلك في سبيل محبوب أعظم هو الله تعالى، وعندما يحج المسلم إلى المسجد الحرام ويضحي في سبيل ذلك بوقته وماله وجهده يفعل ذلك تعظيماً لله تعالى وخضوعاً وامتثالاً لأوامره تعالى.

أما الآلية التي تتحقق بها العبادة فهي الهدم والبناء: هدم الشرك وبناء التوحيد، لأن كل الصيغ التي دعت إلى عبادة الله احتوت النفي والإثبات، وقدمت النفي على الإثبات، كما جاء على لسان الأنبياء نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام في سورة الأعراف مثلاً حيث قالوا جميعاً: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (الآيات من سورة الأعراف)، ويؤكد ذلك أيضاً كلمة الشهادة التي يدخل المسلم الإسلام بها حيث يقول: “أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله”، حيث ينفي في البداية استحقاق أي إله العبادة ثم يثبتها لله تعالى.

أما بناء العقول الكبيرة فقد استند الرسول صلى الله عليه وسلم في بنائها إلى مفهومي الميزان والحكمة اللذين تحدث عنهما القرآن الكريم، حيث وردت كلمة الميزان في آيتين في القرآن الكريم، قال تعالى: (الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان، وما يدريك لعل الساعة قريب) (الشورى،17)، وقال سبحانه وتعالى أيضاً: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) (الحديد،25).

وقد فسّر ابن تيمية كلمة “الميزان” التي وردت في الآيتين السابقتين بأنها الأمور العقلية التي يحتاجها الناس في حياتهم والتي تجعل أحكامهم على الأشياء المحيطة صحيحة، والتي تجعل تعاملهم مع الكون سليماً، من مثل ربط الأسباب بالنتائج، والفهم، والتعليل والتحليل، وقد جاء كلامه -أي ابن تيمية- في معرض الرد على الذين كانوا يوجبون على المسلمين بناء عقائدهم على مقدمات فلسفية، فبيّن أن الله أرحم بعباده من أن يكلهم إلى الفيلسوف فلان وإلى الفلسفة العلانية من أجل بناء عقولهم، لذلك أنزل مع أنبيائه الميزان الذي يبني عقولهم من أجل أن يكون هناك تعامل صحيح مع الكتاب، لأنه دون موازين عقلية صحيحة لن يكون تعامل صحيح مع الكتاب، ولن يؤتي الكتاب ثمرته المرجوة.

ويتضح ذلك في إجابات القرآن الكريم عن الأسئلة التي وجهها المسلمون أو المشركون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من مثل (ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) (البقرة،189)، ومن مثل (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) وفي إجابات الرسول صلى الله عليه وسلم من مثل إجابته عن سؤال المرأة التي جاءت إلى النبي وقالت: إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: “نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء” (رواه البخاري)،

وفي خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كسفت الشمس يوم وفاة ابنه ابراهيم، وربط الناس بينهما، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل لا ينخسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة” (رواه البخاري ومسلم). ففي كل الإجابات السابقة للقرآن الكريم أو للرسول صلى الله عليه وسلم نجد البناء العقلي السليم، ففي جواب القرآن عن السؤال حول الأهلة، كان التوجيه إلى الجانب العملي المفيد للأهلة وهو أنها “مواقيت للناس والحج”، وفي جواب القرآن الكريم عن السؤال حول الروح كان التوجيه إلى التوقف عن البحث لأن هذا نطاق جديد لا يمتلك الإنسان وسائل البحث فيه وهو من أمر الله، وفي جواب الرسول صلى الله عليه وسلم عن سؤال المرأة حول مشروعية حجها عن أمها كان التوجيه إلى التفكير العلمي في المقايسة بين ديْن العباد وديْن الله والخلوص إلى أن دين الله أحق بالوفاء، وفي خطبته صلى الله عليه وسلم بعد وفاة ابراهيم توجيه للمسلمين بالابتعاد عن التفكير الخرافي، وتوجيه إلى التفكير العلمي الذي يربط تحولات الشمس والقمر بحركة الكون وليس بحادثة وفاة أحد أو ولادة أحد حتى ولو كان ابناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما السند الثاني الذي استند إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في البناء العقلي فهو مفهوم الحكمة، فقد وردت كلمة الحكمة في عدة آيات كريمة، قال تعالى: ( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) (الجمعة،2)، وقد امتن الله على العرب ابتعاث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: (كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) (البقرة، 151).

وقد وردت عدة أقوال في تحديد معنى كلمة “الحكمة”، فقد جاء فيها أنها السنة النبوية، وأنها الأحكام المتفق عليها بين جميع الأديان والملل، وأنها الإصابة في القول والعمل إلخ… وبغض النظر عن تحديد المعنى المقصود لكلمة “الحكمة” والذي قد يجمع بين الأقوال السابقة جميعها، فإن “الحكمة” ترتبط بشكل أولي بالفهم والإدراك والعقل إلخ…، لذلك لابد من أجل أن تتحقق الحكمة في أية قضية من أن يكون هناك فهم لعناصر القضية، وإدراك لعلاقتها بما قبلها وما بعدها، وتحليل لكيفية تطويرها إلخ…

وكل هذا يحتاج إلى تدبّر وتعقّل، وقد جاءت السنة النبوية الشريفة مليئة بالشواهد العملية على الحكمة في صورتها المثلى والتي تنتهي إلى الإصابة في القول والعمل، لذلك كانت أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم تتصف بأنها من “جوامع الكلم” أي “الألفاظ القليلة ذات المعاني الكثيرة”، وكانت أعماله صواباً دائماً، وإذا كانت خلاف الأولى في بعض أحيان قليلة نبهه الوحي إلى ما هو الأولى ليعمله، وبذلك أصبح الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة للمسلمين كما وضح الله تعالى ذلك فقال: (ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) (الأحزاب،21).

ومما يلفت النظر أن الآيات التي تحدثت عن الحكمة ربطت بين تعليم الكتاب والحكمة من جهة، والتزكية من جهة ثانية وهو أمر جديد كل الجدة، إذ المعهود سابقاً ولاحقاً أن التزكية مرتبطة بتعلم الكتاب وحده لأنه مستودع الهدى، ولكن أن تكون تزكية النفوس وتطهرها ناتجة عن تعلم الكتاب وتعلم الحكمة فهو الأمر الجديد الذي يرفع من شأن العقل، ويوجه المسلمين إلى ضرورة أن تكون عقولهم مبنية بناء سليماً ليكون التعامل السليم مع الكتاب، وينتج عن ذلك تزكية وتطهّر حقيقيّان.

بُني الكيان الحضاري للمسلمين -كما رأينا- على ثلاثة أعمدة: الكتاب والميزان والحكمة، وقد أفرزت تلك الأعمدة نفوساً عظيمة وعقولاً كبيرة، فأين حدث ذلك الخلل الذي عرقل استمرار مشروع الحضارة الإسلامية؟ قطعاً لم يحدث الخلل في الكتاب، لأنه محفوظ بحفظ الله حيث قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر،9)، وبالفعل فإن إحدى ميزات الحضارة الإسلامية أن كتابها محفوظ بفضل الله ثم بفضل جهود الصحابة الذين اجتهدوا في حفظه في صدورهم أولاً، ثم في تدوينه بين دفتي المصحف الشريف الذي يبدأ بسورة الفاتحة وينتهي بسورة الناس ثانياً.

لكن الخلل حدث في بناء النفوس العظيمة والعقول الكبيرة، وقد كان التصوّف أحد أسباب هذا الخلل، حيث أخذت العبادة فيه منحى جديداً يقوم على تعذيب الجسد من أجل الوصول إلى الحقيقة، وهو منحى جديد لم تعرفه أصول العبادة الإسلامية التي تعتبر الاستجابة لمتطلبات الجسد عبادة، وأصدق دليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم “وفي بضع أحدكم أجر” قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: “أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إن وضعها في الحلال كان له أجر” (رواه مسلم).

وقد أدى ذلك التصوّف إلى الاستلاب النفسي للمسلم وإلى ضعف فاعليته العقلية ممن أدى إلى خلل في تعامله مع الكتاب، لذلك نحتاج الآن مرة ثانية إلى تفعيل مفهومي الميزان والحكمة من أجل إعادة الفاعلية العقلية للمسلم المعاصر، لكي يحسن التعامل مع الكتاب حيث سيؤدي ذلك إلى التزكية المطلوبة وتتحقق دعوة ابراهيم عليه السلام عندما قال:

(ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) (البقرة،129).

الكتاب والميزان والحكمة : ثلاثة أعمدة قامت عليها الحضارة الاسلامية من موقع سعورس

 

ظهرت المقالة علام قامت الحضارة الإسلامية؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%b2%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%85%d8%a9/feed/ 0 2550
الإسراء والمعراج: الواقعة والآفاق https://www.al-ommah.com/israa-2/ https://www.al-ommah.com/israa-2/#respond Mon, 01 Nov 1999 02:52:29 +0000 https://al-ommah.com/?p=424 جاءت واقعة الإسراء والمعراج في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تتويجا لمرحلة سابقة هي المرحلة المكية، وترسيخاً لبعض القيم والمبادئ المهمة في حياة الأمة ومستقبلها، وقد تحدّث القرآن عن تلك الواقعة فقال سبحانه وتعالى: (سُبْحانَ الذي أسرى بعَبْدِهِ ليلاً مِنَ المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأَقْصَى الذي بارَكْنا حولَهُ لِنُرِيَهُ […]

ظهرت المقالة الإسراء والمعراج: الواقعة والآفاق أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
جاءت واقعة الإسراء والمعراج في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تتويجا لمرحلة سابقة هي المرحلة المكية، وترسيخاً لبعض القيم والمبادئ المهمة في حياة الأمة ومستقبلها، وقد تحدّث القرآن عن تلك الواقعة فقال سبحانه وتعالى:

(سُبْحانَ الذي أسرى بعَبْدِهِ ليلاً مِنَ المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأَقْصَى الذي بارَكْنا حولَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إنه هو السميعُ البصيرُ) (الإسراء،1).

ما معالم واقعة الإسراء والمعراج؟

ولم كانت تتويجاً للمرحلة المكية؟ وكيف كانت ترسيخاً لبعض القيم والمبادئ وتنبيهاً على الأمور المستقبلية؟

ذكرت كتب الحديث والسيرة أنّ الإسراء كان قبل الهجرة بسنة وأنه كان في نهاية شهر رجب الفرد، وأنه كان يقظة لا مناماً من مكة إلى بيت المقدس بواسطة البراق، فلما انتهى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى باب المسجد ربط الدابة عند الباب ودخله، فصلّى في قبلته تحية المسجد ركعتين ثم عرج إلى السماء، فصعد إلى السماء الدنيا، ثم إلى بقية السماوات السبع، فتلقاه في كل سماء مقربوها، وسلّم على الأنبياء الذين في السماوات بحسب منازلهم ودرجاتهم، حتى مرّ بموسى الكليم في السادسة، وإبراهيم الخليل في السابعة، ثم جاوز منـزلتهما حتى انتهى إلى سدرة المنتهى حيث رأى جبريل على صورته الملائكية، كما رأى البيت المعمور، ورأى في رحلته هذه الجنة والنار، ثم كلّم الله سبحانه وتعالى وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين ثم خففها إلى خمس رحمة منه ولطفاً بعباده. وقد تحدّث القرآن عن رحلة المعراج وعن وصوله إلى سدرة المنتهى ورؤيته لجبريل عليه السلام فقال سبحانه وتعالى:

(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (النجم،1-18).

وصلّى الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى إماماً بالأنبياء وذلك بإشارة من جبريل عليه السلام، وفي ذلك إظهار لشرفه وفضله عليهم جميعاً، وقد قُدِّم إليه صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة إناءان فيهما: الخمر واللبن، فاختار اللبن فقيل له: هُديت إلى الفطرة.

لم كانت رحلة الإسراء والمعراج تتويجاً للمرحلة المكية؟

بدأت المرحلة المكية من غار حراء حيث تنـزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره الله أن يدعو إلى وحدانيته سبحانه وتعالى وأمره أن ينذر قومه بأنّ هناك بعثة وحساباً، وجنة وناراً، وأمره أن يدعو إلى قيم جديدة تقوم على أخوة الإيمان وليس على أخوة القبلية، وأنّ المال لله وأنّ البشر مستخلفون فيه وأنّ فيه حقاً للسائل والمحروم، دعاهم إلى كل هذا وإلى غيره من القيم والحقائق الجديدة، لكن المجتمع المكي لم يتقبل دعوة الرسول الكريم، بل بدأ ينافح عن قيمه وأفكاره في وجه القيم الجديدة، وشرع في اتهام الرسول مرة بأنه ساحر ومرة بأنه كاهن ومرة بأنه يتلقى أقواله من الأعاجم . . .

ثم انتقل إلى إيذاء الضعفاء من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم مما حدا به صلى الله عليه وسلم إلى أمرهم بالهجرة إلى الحبشة مرتين، ثم جاءت وفاة أبي طالب عمّ الرسول وخديجة زوجه مما أفقده سندين في عام واحد:

  • الأول: كان يدفع عنه إيذاء قريش خارج بيته.
  • والثاني: كان يخفف عنه آلام المواجهة مع قريش داخل بيته.

وفي هذه اللحظة الحاسمة التي اشتد فيها الإيذاء على الرسول صلى الله عليه وسلم، وزادت الأحزان عليه، جاءت رحلة الإسراء والمعراج لتكون تكريماً له على صدقه في الدعوة، وتقديراً له على صبره في تحمل الأمانة، وتثبيتاً له على إحسانه في تمثل حقائق الإسلام، وتثميناً لحسن أخلاقه وشمائله.

وجاءت رحلة الإسراء والمعراج أيضاً لتكون له زاداً في المرحلة القادمة من خلال إراءته رؤى جديدة في عالم السماء: رؤية الجنة والنار، ورؤية جبريل عليه السلام، وتكليمه لله سبحانه وتعالى إلخ…

القيم والمبادئ التي رسخها الإسراء والمعراج

لقد أشرنا في بداية المقال إلى أنّ رحلة الإسراء والمعراج كانت ترسيخاً لبعض القيم والمبادئ وتنبيهاً إلى أمور مستقبلية، فما القيم والمبادئ التي رسختها؟ وما الأمور المستقبلية التي نبهت عليها؟

لقد ورث الإسلام الديانات السابقة لذلك قال سبحانه وتعالى:

  • (إنّ الدينَ عند اللهِ الإسلامُ) (آل عمران،19)
  • (ومَن يَبْتَغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فلن يُقْبَلَ منهُ وهو في الآخرةِ مِنَ الخاسرينَ) (آل عمران،85)

وقد ادعى كل من النصارى واليهود والمشركين أحقيته بإبراهيم عليه السلام، ولكن ردّ القرآن عليهم جميعاً بأنّ محمّداً وأتباعه هم أولى الناس بإبراهيم، قال سبحانه وتعالى:

  • (إنَّ أَوْلَى الناسِ بإبراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعوهُ وهذا النبِيُّ والذينَ آمَنوا) (آل عمران،68)

وذلك لأنّ إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا مشركاً ولكن كان حنيفاً مسلماً، قال سبحانه وتعالى:

  • (ما كان إبراهيمُ يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حَنيفاً مسلماً وما كان مِنَ المشركينَ) (آل عمران،67)

وقد جاءت بعض وقائع الإسراء والمعراج لتترجم هذه الوراثة عملياً وذلك من خلال صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأنبياء جميعهم في القدس، واقتضت هذه الوراثة الربط بين المسجد الحرام وأبرز المقدسات الأخرى وهو المسجد الأقصى، فكان الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وقد اقتضت هذه الوراثة تنبيه المسلمين إلى أهمية أرض النبوات، فجاء الحديث عن علو بني إسرائيل وإفسادهم وسيطرتهم على المسجد الأقصى مرتين ثم انتزاعه منهم، فقال سبحانه وتعالى:

(وقَضَيْنا إلى بَني إسرائيلَ في الكتابِ لتُفْسِدُنَّ في الأرضِ مرّتَيْنِ ولَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كبيراً . فإذا جاءَ وعدُ أُولاهُما بَعَثْنا عليكم عِباداً لنا أُولي بَأْسٍ شديدٍ فجاسوا خِلالَ الدِّيارِ وكان وعداً مفعولاً. ثُمَّ رَدَدْنا لكم الكَرَّةَ عليهِم وأَمْدَدْناكُم بأموالٍ وبَنينَ وجعلناكم أكثرَ نفيراً. إنْ أَحْسَنْتُم أَحْسَنْتُم لأنْفُسِكم وإنْ أَسَأْتُم فلها فإذا جاءَ وعدُ الآخرةِ ليَسوؤوا وُجوهَكُم ولِيَدْخُلوا المسجدَ كما دخلوهُ أوَّلَ مرّةٍ ولِيُتَبِّروا ما عَلَوْ تَتْبيراً) (الإسراء،1-7).

والسؤال الآن: متى حدثت هاتان الواقعتان؟ معظم المفسرين أو كلهم على أنّ تلكما الواقعتين حدثتا في الماضي قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الأرجح أنّ أولى الواقعتين هو ما شاهدناه من دخول اليهود إلى المسجد الأقصى عام 1967م، وهذا ما سنوضحه في السطور التالية.

روايات الطبري

ذكر الطبري في تفسيره عدة روايات عن إفساد بني إسرائيل وعن المسلَّطين عليهم:

  1. أن أول الفسادين: قتل زكريا فبعث الله عليهم ملك النبط ويدعى صحابين.
  2. كان إفسادهم الذي يفسدون في الأرض مرتين: قتل زكريا ويحيى بن زكريا، سلط الله عليهم سابور ذا الأكتاف ملكاً من ملوك فارس من قتل زكريا، وسلط عليهم بختنصّر من قتل يحيى.
  3. أنّ إفسادهم الأول كان قتل أشعيا نبي الله لأنّ زكريا مات موتاً ولم يقتل، أما إفسادهم الثاني فلا خلاف عليه فقد كان قتل يحيى بن زكريا عليهما السلام.
  4. كان الذي سلّط عليهم في المرة الأولى جالوت وهو من أهل الجزيرة، حتى بعث الله طالوت ومعه داوود فقتله داوود عليه السلام.
  5. بعث الله عليهم في المرة الأولى سنحاريب من أهل أثور ونينوى وقيل إنها الموصل.

وقد ذكر القرطبي وابن كثير في تفسيريهما عن إفساد بني إسرائيل قريباً مما ذكره الطبري مع تفصيل أقل في الحديث عن الإفسادين وعن المسلّطين عليهم ، لكننا حتى ندرك بُعدْ المفسرين القدماء عن الصواب نقارنه بما ورد في سورة الإسراء فنجد أن القرآن الكريم قد وصف بني إسرائيل بصفتين متلازمتين هما: الإفساد والعلوّ.

وهو ما لم يحدث في كل الوقائع التي أشار إليها المفسرون القدماء ، فهم قد تحدثوا عن إفساد ولم يتحدثوا عن علوّ، وهذه أولى المفارقات ، أما المفارقة الثانية فإن القرآن قد وصف الناس الذي سيدخلون المسجد وسيدمرون ما بناه بنو إسرائيل بأنهم “عباد لنا”، والأرجح أنهم عباد مؤمنون خالصون لله وهو ما لم يتحقق في جالوت أو سنحاريب أو بختنصّر إلخ…

إنّ عدم تطابق المواصفات التي طرحها المفسرون القدماء لدخول بني إسرائيل المسجد الأقصى مع المواصفات التي طرحها القرآن الكريم تجعلنا نرجّح أنّ المرة الأولى تنطبق على احتلالهم الحالي للأقصى الذي وقع في حرب حزيران عام 1967م وذلك لأنّ العلو اليهودي الذي قالت عنه الآية “ولتعلنّ علوّاً كبيراً” فأكدته بالمفعول المطلق “علوّاً” ثم وصفته بالصفة “كبيراً” نجد مصداقيته في العصر الحالي، فدولة بني إسرائيل كلمتها عالية، وأوامرها مستجابة، ووُدّها مطلوب، وجانبها مهاب، وانتصاراتها متتالية، وقوّتها أكبر من حجمها فهي الدولة النووية السادسة في العالم إلخ..

وقد ميّز القرآن العلوّ الثاني بأنّ بني إسرائيل سيصبحون فيه أكثر نفيراً، أي أكثر “عدداً” وهو لم يتحقق في كل مرات الإفساد الثاني التي تحدث عنها المفسرون فهم لم يصبحوا أكثر عدداً من الأقوام التي قاتلوها، وإنما سيتحقق في العلو الثاني الذي سيأتي في قادم الأيام بعد أن يدخل المؤمنون المسجد الأقصى ويستعيدوه من أيدي بني إسرائيل وينهوا إفسادهم الأول المتلازم مع علوّهم والذي وقع في إثر نكسة حزيران.

ختامًا

والسؤال الآن: لماذا تحدث القرآن الكريم عما كتبه على بني إسرائيل في معرض واقعة الإسراء والمعراج وفي سورة الإسراء؟

الحكمة من ذلك تنبيه حاملي ميراث النبوات إلى أهمية أرض النبوات في حياتهم القادمة، لذلك كانت الحروب مع إسرائيل في الحاضر وكانت الحروب الصليبية في الماضي أخطر ما واجه الأمة الإسلامية في حاضرها وماضيها وكان مدار الحربين المسجد الأقصى في الحاضر أو الأرض المقدسة المحيطة بالمسجد الأقصى في الماضي.

ظهرت المقالة الإسراء والمعراج: الواقعة والآفاق أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/israa-2/feed/ 0 424