وقّع ياسر عبد ربه من فلسطين ويوسي بيلين من اسرائيل “وثيقة جنيف” في 2 من ديسمبر/كانون الأول عام 2003م في حفل كبير في مدينة جنيف السويسرية، حضره عدد من الشخصيات العالمية أبرزهم: كارتر الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية، ومانديلا الذي خاطب الحفل من خلال الفيديو، وفالنسيا الرئيس السابق لبولندا إلخ…
وقد انقسم الرأي العام الفلسطيني والاسرائيلي حولها، فمن الذي يقف وراء هذه الوثيقة؟ وما أهم بنودها؟ وما الذي ترمي إليه؟
من الواضح أن الذي يقف وراء هذه الوثيقة هما: منظمة التحرير الفلسطينية واليسار الاسرائيلي، وقد نالت الوثيقة تأييد ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية واتضح ذلك عندما أمر ياسر عرفات قدورة فارس بالسفر إلى جنيف ليلة توقيع الاتفاق من أجل المشاركة في ذلك الحفل بعد أن كان محجماً عن السفر في البداية نتيجة الخلاف داخل فتح حولها وبعد صدور بيان من كتائب الأقصى المبارك التابعة لفتح يخوّن من أصدروها ومن سيوقعون عليها.
أما عن السؤال الثاني المتعلّق بأهم بنودها، فهي تعالج مختلف نواحي القضية الفلسطينية، وتعترف لليهود بملكية حائط البراق والحي اليهودي في القدس الشرقية، وبإبقاء المستوطنات ذات التجمعات السكانية الكبيرة في الضفة الغربية على أن يأخذ الفلسطينيون أرضاً داخل الخط الأخضر عوضاً عن تلك الأرض، وأخطر ما جاء في هذه الوثيقة هو التنازل عن حق العودة الذي يشكّل لب القضية الفلسطينية، وتسقط هذه الوثيقة حق خمسة ملايين فلسطيني من العودة إلى ديارهم وأراضيهم المحتلة في عام 1948م، وتحاول توطينهم في دولهم الموجودين فيها، وستكون كل هذه التنازلات مقابل أمر واحد هو قيام دولة فلسطينية في الضفة وقطاع غزة منـزوعة السلاح ناقصة السيادة.
أما عن السؤال الثالث فإن الذي ترمي إليه هذه الوثيقة هو مخاطبة الرأي العام الاسرائيلي، وترجيح كفة اليسار الاسرائيلي في الانتخابات القادمة على اليمين الاسرائيلي الذي يمثّله شارون، وكأن مشكلتنا مع اسرائيل هي مشكلة اليمين فقط !!! وكأننا لم نجرّب اليسار !!! وكأن اليسار برد وسلام على الفلسطينيين !!!
فها هو ذا إيهود باراك اليساري حكم اسرائيل عام 2000م فماذا كانت نتائج مفاوضات كمب ديفيد الثانية؟
ألم تكن تلك المفاوضات سبباً في اندلاع انتفاضة الأقصى الحالية؟ ألم يتوسع الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة توسعه الأكبر في زمن اليسار الاسرائيلي ؟؟!!!
ألم تكن كل الحروب التوسعية التي خاضها اسرائيل في زمن اليسار الاسرائيلي بدءاً من حرب 48 وانتهاءً بحرب 1973م ؟؟!!!
الخلاصة التي يمكن أن ننتهي إليها هي أن “وثيقة جنيف” تشكّل منعطفاً جديداً في تاريخ القضية الفلسطينية لأنها تقدّم تنازلاً جديداً للعدو الصهيوني هو التنازل عن حق العودة من أجل شيء واحد هو استمرار ياسر عرفات وزمرته في كرسي القيادة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.