مقدمة كتاب: لماذا سقطت الخلافة العثمانية؟ قراءة في عوامل ضعف الأمّة

كتاب لماذا سقطت الخلافة العثمانية؟ قراءة في عوامل ضعف الأمّة

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلّ له، ومن يُضْلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ] (آل عمران 102)، [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] (النساء)، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ … لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] (الأحزاب 70-71) ، أما بعد: فإنّ أصدق الحديث كلام الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشرّ الأمور مُحْدَثاتها، وكل مُحْدَثة بِدعة، وكل بِدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أمّا بعد،

فهذا كتاب ألّفته تحت عنوان “لماذا سقطت الخلافة العثمانية؟ قراءة في عوامل ضعف الأمّة“، تحدّثت فيه عن العوامل التي أضعفت أمّتنا، وكانت سبباً في سقوط الخلافة العثمانية بشكل غير مباشر، كما تحدّثت في القسم الأخير من الكتاب عن العوامل التي أدّت إلى سقوط الخلافة العثمانية بشكل مباشر، ومن أجل توضيح هذه الحقائق قسّمته إلى عدّة أبواب، واحتوى كل باب على عدّة فصول، وقد جاء الباب الأول تحت عنوان (بناء المسلم والأمّة والدولة) واحتوى على ثلاثة فصول، تحدّثت في الفصل الأول عن كيفية بناء الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلم الصحابي، ثم تحدّثت في الفصل الثاني عن بناء الأمّة المسلمة، وبيّنت أنّ هذه الأمّة المسلمة خطوة جديدة في الفضاء الجاهلي، لأنّ المجتمع الجاهلي عرف القبيلة، فكان تكوين هذه الأمّة هي الحلقة الجديدة التي تقابل القبيلة، ثم تحدّثت عن بعض صور ارتباط المسلم الصحابي بالأمّة المسلمة، ثم تحدّثت عن صفات الأمّة المسلمة التي وردت في القرآن الكريم، وراعيت أسباب النـزول فكانت الصفة الأولى هي صفة الوحدة، ثم كانت الصفة الثانية هي صفة الوسطية، ثم كانت الصفة الثالثة هي صفة الخيرية.

ثم تحدّثت في الفصل الثالث من الباب الأول عن بناء الدولة في المدينة وهي التي جاءت ثمرة سعي الرسول صلى الله عليه وسلم في بناء المسلم الصحابي والأمّة المسلمة لمدّة ثلاث عشرة سنة، وتحدّثت عن الأصول التي بنيت عليها هذه الدولة فكانت: التشريع لله، والشورى واجبة، والمساواة والعدل.

ثم طرحت في الباب الثاني سؤالاً هو: ما الذي أضعف الأمّة؟ واحتوى هذا الباب على فصلين: الأول: تحدّثت عن عدم معرفة تاريخ المسلمين عصر انحطاط حضاري، ثم تحدّثت في الفصل الثاني عن عوامل ضعف الأمّة، فكانت هناك خمسة عوامل هي:

  • الأول: تداخل أفكار بشرية مع أصول الدين الإلهي.
  • الثاني: انتشار التصوّف.
  • الثالث: نشوء الفِرَق.
  • الرابع: القصور في تطبيق الشورى، وغياب الاختيار في منصب الخليفة.
  • الخامس: التقصير في تحقيق المساواة والعدل.

ثم تحدّثت في الباب الثالث عن الخلافة العثمانية لأنها الخلافة الأخيرة في الوجود الإسلامي حسب التسلسل التاريخي، فجاء هذا الباب في فصلين: الأول: سردت فيه سيرة مؤسس الخلافة العثمانية، ثم تتبعت سيرة هؤلاء الخلفاء العثمانيين، ثم تحدّثت في الفصل الثاني عن موقف الخلافة العثمانية من عوامل الضعف التي أشرنا إليها في الباب الثاني، فوجدنا أنّ الخلافة العثمانية لم تعالج هذه العوامل، بل زاد بعضها استفحالاً كالتصوّف.

ثم انتقلت في الباب الرابع إلى توضيح العوامل المباشرة التي أدّت إلى سقوط الخلافة العثمانية، وكانت تستند تلك العوامل على إضعاف الخلافة العثمانية، فكان العامل الأول: استعمار بعض البلدان الإسلامية كعدن والجزائر وتونس ومصر إلخ…، وقام العامل الثاني على مساعدة الدول الغربية لبعض الحكام على الانفراد بالسلطة كما حدث مع محمد علي باشا وغيره، وقام العامل الثالث على إشعال الثورات في الجزء الأوروبي من الخلافة العثمانية، وقام العامل الرابع على استغلال الغرب للطوائف، وقام العامل الخامس على إضعاف الخلافة اقتصادياً، وقام العامل السادس على دفع العرب والأتراك للاقتتال.

ثم جاء الباب الخامس يحمل عنوان: استهداف الغرب تمزيق الأمّة وتفتيتها والتمهيد لاستئصالها، واستخدم الغرب ست أدوات لتحقيق هذا الهدف، وكانت الأدوات كالتالي:

  • الأداة الأولى: قيام حكومات بفرض النموذج الغربي بعد الحرب العالمية الأولى والثانية.
  • الأداة الثانية: إيجاد أكبر تقسيمات سياسية في المنطقة.
  • الأداة الثالثة: إقامة اسرائيل.
  • الأداة الرابعة: إثارة وتحريك النعرات العِرقية والطائفية.
  • الأداة الخامسة: التشكيك في الثوابت التي تقوم عليها الأمّة.
  • الأداة السادسة: مشاريع أمريكية لتفتيت الأمّة.

وأختم مقدّمتي ذاكراً قول الله تعالى:

[وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ] (إبراهيم 46)

فهاهم يمكرون لاستئصال هذه الأمّة بعد أن أزالوا آخر دولة وسلطان للمسلمين، لكنّ الله -سبحانه وتعالى- محيط بمكرهم، وسيحبط مكرهم، لأنه قال تعالى:[وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ] (الأنفال 30).

ولقد كانت الصحوة الإسلامية هي الخطوة الأولى في إحباط هذا المكر، وستتبعها خطوات أخرى -بإذن الله- تحقق أهداف العلماء والمخلصين في عودة الإسلام إلى مركز الفعل والتأثير في سيرة البشرية، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

Lorem Ipsum

اترك رد