وقعت مذابح في رفح حيث أطلق الجيش الصهيوني صواريخ طائراته، وأسلحة دباباته على متظاهرين، كما هدم الجيش الاسرائيلي بيوتاً لمئات العائلات الفلسطينية في رفح فأصبحت تعيش في العراء.
كما كانت قبل ذلك تحدّثت وسائل الإعلام عن فضائح التعذيب في سجن أبو غريب، والتي شملت أبشع التصرفات اللاإنسانية في حق المعتقلين من مثل فرض التعري والممارسات الجنسية والتعذيب والضرب والكهرباء واستخدام الكلاب والقتل إلخ…
وكنت شاركت في برنامج تلفزيوني في “قناة المستقلّة” ناقش الوقائع السابقة: مذابح رفح وفضائح سجن أبو غريب، وأشار بعض المشاركين في الحلقة إلى ضرورة الفصل بين تلك الممارسات الشاذة والاستثنائية في رأيهم وبين الواقع الحضاري للإدارات الاسرائيلية والغربية، وكان ردّي أن تلك الممارسات ليست استثناء بل هي الأصل، فتاريخ شارون الإرهابي مرتبط بالإرهاب والقتل والعنف ارتباطاً كاملاً، وهناك عشرات الشواهد على ذلك تبدأ من ممارساته في عام 1948م قبل قيام دولة اسرائيل، مروراً بقتله أسرى حرب عام 1956م في سيناء، وبمذابح صبراً وشاتيلا المروّعة في عام 1982م، وانتهاء بمذابح مخيم جنين عام 2003م ومخيمات رفح عام 2004م، أما الحضارة الغربية فإنها حضارة تقوم على ممارسة أقسى درجات العنف في حق الآخر، وتقوم على الاستئصال الكامل للخصم، ويؤكد ذلك استعمار أفريقيا وآسيا ونهب خيراتها لمدة ثلاث قرون، ومحاولة فرنسة الجزائر التي بدأت عام 1830م، وقتل ما يقرب ما بين 100 مليون إلى 120 مليون أفريقي كما ذكر روجيه غارودي في أحد كتبه، ووضّح ذلك بأن أوروبا أرادت أن تنقل الأفارقة إلى أمريكا لكي يعملوا في الزراعة بعد اكتشافها، فكانوا يصطادونهم في غرب أفريقيا، ويحبسونهم في قلاع ضخمة، ثم تأتي السفن فتنقلهم مكبّلين في سلاسل حديدية، وكان الأفارقة يقاومون ذلك ويثورون، ويتمرّدون في كل المراحل، ويمارس الجلادون القتل في حقهم، فكان يصل إلى أمريكا واحد من كل عشرة، والمعروف أنه وصل إلى أمريكا عشرة ملايين من الأفارقة، فهذا يعني أن المقتولين في الطريق في حدود المائة مليون.
ووضّحت في تلك المناقشة التلفزيونية أن كل دعاوي حقوق الإنسان وشعارت الحرية أمور خاصة بالمواطن الغربي في حدود دولته، وعندما يخرج المواطن الغربي خارج بلده يصبح وحشاً كاسراً، ويؤكّد ذلك تاريخ الحضارة الغربية في كل القرون السابقة.
الخلاصة إن ما حدث في رفح وغيرها من مناطق فلسطين، وما حدث في سجن أبو غريب والبصرة وغيرها من مناطق العراق المحتل، ليس استثناء بل هو نهج مارسته الحضارة الغربية لعدّة قرون قبل ذلك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المشرف غازي التوبة