هل تشكّل صفات الله إحدى مشاكل الإنسان الفطرية فعلاً؟

سؤال: هل تشكّل قضية وجود الله إحدى مشاكل الإنسان فعلاً؟ وما الذي قاله القرآن الكريم في هذا الصدد؟

جواب: لم يتعرّض القرآن الكريم لقضية وجود الله، واعتبرها قضية فطرية، مهما تعنّت الإنسان في إنكارها حال الكِبْر دون الإقرار بها، فلابدّ أن تتغلّب فطرته وتظهر حقيقتها في المواقف الصعبة القاسية التي يتعرّى الإنسان فيها من كل زيف ويصرخ فيها: يا ربّ عونك، نجدتك، لفطك إلخ…

 وقد أشارت الآيات إلى ذلك في أكثر من سورة: {قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ . قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ }(الأنعام،63-64)، {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ}(يونس،12)، {قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ . بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ}(الأنعام،40-41)، {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ . فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(يونس،22-23).

وقد أبرزت آية الأعراف فطرية الإقرار بوجود الله بصورة فريدة إذ بيّنت أنّ الله قد أخذ العهد بهذا على الإنسان وهو في عالم الذر قبل أن يُخلق، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ }(الأعراف،172).

وقد استغرب الأنبياء في حديثهم مع أُممهم أن يتطرّق الشكّ إليهم في وجود الله تعالى: { أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ …}(إبراهيم،10).

 وقد حدّثنا القرآن الكريم عن أنبياء كثيرين دعوا أقوامهم، ونقل لنا طرفاً من الحوار الذي جرى بينهم، فلم تسأل أيّة أمّة نبيّها: هل الله موجود أم لا؟ إنما حاورته في أمور أخرى كثيرة سوى هذه القضية.

إذن لم يكن الحديث الذي حَبّرت به كتب العقائد صفحاتها، لم يكن انعكاساً لقضية فطرية أو قرآنية، إنما كان انعكاساً لكتب الفلسفة.

اترك رد