سقط النظام العربي بسقوط حكومة صدّام
إن أي تعامل مع الواقع يجب أن ينطلق من تحليل سليم له، وعلى رأس هذا الواقع تأتي الحكومات العربية التي أثبتت عجزها، وانهاء نظامها بسقوط حكومة صدّام، ولو رجعنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن نظام صدّام يتصف بصفات معينة تنطبق على معظم الحكومات العربية، وهذه الصفات هي:
1- إنه ينطلق من عقائد غربية كانت في مطلع القرن العشرين: القومية العربية، ثم أصبحت في منتصف القرن: الاشتراكية الماركسية، ثم في آخر القرن: صدّام الصنم.
2- إنه ينطلق من قيم معادية لقيم الأمة الدينية، حيث أراد أن يحل الأخوة القومية مكان الأخوة الدينية، واعتبر الإسلام هو سبب الانحطاط والتأخّر، وأحل أحكاماً معادية لأحكام الدين في مجالات: المرأة، والاقتصاد، والاجتماع إلخ…، وأراد أن يلغي هوية الأمة الإسلامية ويستبدلها بالهوية الغربية لكنه فشل في ذلك وجاءت الصحوة في سبعينات القرن الماضي، بعد أن انهزم النظام القومي العربي أمام إسرائيل في عام 1967م انهزاماً مخزياً.
3- إنه لا يملك أدنى مقومات الاستقلال السياسي فبعض الأنظمة العربية جاءت بعد اتفاقات سايكس-بيكو بعد الحرب العالمية الأولى، وبعضها جاء في ظل الحرب الباردة من خلال نسيج المؤامرات الدولية كما حدث مع نظام صدّام حسين الذي أتى بعد دعم السفارة الانكليزية له في بيروت للقيام بانقلاب عام 1968م واستلام الحكم في بغداد، ثم تبني أمريكا له ودعمها له خلال الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988م.
4- إنه لم يصلح شيئاً، فلو جردنا ما بنته معظم الأنظمة العربية في مجالات التعليم والاقتصاد والتنمية والزراعة والصناعة والتجارة إلخ… لا نجد أنها بنت شيئاً يذكر، وعلى العكس كان التدمير أكثر من البناء.
هذه بعض ملامح النظام العربي -الآن- وهذا ما يفسر سقوط بغداد السريع، لأنه مؤشر على سقوط الفكر القومي العربي المعادي للأمة، ودليل على التدمير الذي مارسه هذا الفكر لمدة قرن واحد. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مؤتمران مهمان
لقد انعقد مؤتمران مهمان خلال الشهرين الماضيين:
الأول: مؤتمر دافوس في البحر الميت:
انعقد مؤتمر دافوس للمرة الثانية خارج سويسرا: الأولى: كانت في نيويورك بعد أحداث 11/9/2001م، والثانية: كانت في الشونة الأردنية لمدة ثلاثة أيام من 21-23 حزيران/يونيو 2003م، وقد حضرت مئات الشخصيات من كل أنحاء العالم، وعشرات الدول، ومن ضمن الحضور كان وفد إسرائيلي كبير، وآخر أمريكي برئاسة كولن باول، والمهم في هذا المؤتمر هو عولمة اقتصاد المنطقة وربطه بالاقتصاد العالمي الذي تقوده أمريكا من جهة، وإعطاء إسرائيل دوراً قيادياً في منطقة الشرق الأوسط من جهة ثانية.
وقد انبثقت عن المؤتمر عدة لجان وهيئات وقرارات ومؤسسات منها:
1- مبادرة النساء القياديات.
2- مبادرة إنشاء مجلس المائة زعيم (حكيم).
3- مبادرة إنشاء مجلس رجال الأعمال العرب.
4- مبادرة المياه.
5- تأسيس منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة والعالم العربي.
6- تشكيل مجلس الأعمال العربي.
7- مشروعات بين الأردن وإسرائيل:
أ- قناة البحرين (الوصل بين البحر الميت والبحر الأحمر).
ب- خط أنابيب الموصل-حيفا.
8- مشروعات إقليمية بين الأردن وإسرائيل وفلسطين.
9- إعادة إعمار العراق.
ثانياً: مؤتمر ثقافي في القاهرة:
انعقد في القاهرة مؤتمر ثقافي تحت عنوان “الثقافة العربية: نحو خطاب ثقافي جديد من تحديات الحاضر إلى آفاق المستقبل” أقامه المجلس الأعلى للثقافة التابع لوزارة الثقافة المصرية بتاريخ 1-3 يوليو/تموز 2003م وقد صدر في نهايته إعلان تحت عنوان “إعلان القاهرة الثقافي” وقد حضره عشرات الكتاب والمفكرين العلمانيين في العالم العربي ومن أبرزهم: أدونيس والعفيف الأخضر وجابر عصفور ومحيي الدين اللاذقاني إلخ… وكما هو المتوقع، فقد كان التهجم على الإسلام هو الموضوع الساخن في المؤتمر باعتباره حسب زعمهم الذي يقف وراء الهزيمة، وهو الذي يعكس الاستبداد، وهو الذي يقف وراء تخلف الأمة (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً).
إن هذين المؤتمرين هما إحدى المؤشرات التي توضح سعي قوى الغرب في سبيل ترتيب أمور المنطقة في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية من أجل دفعها باتجاه التغريب، ونكتفي بالإشارة إلى هذين المؤتمرين على أساس أن يكون لنا عودة إلى مناقشة محتوياتهما بشكل أكثر تفصيلاً، وإلقاء الأضواء على القرارات التي توصلا إليها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.