تهويد القدس

للقدس زهرة المدائن مكانة خاصة لدى المسلمين، فقلبها ودرتها المسجد الأقصى المبارك هو أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وعى المسلمون على مدار التاريخ هذه الأهمية، فبذلوا الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ عليها وحمايتها، ابتداء بالخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مرورًا بالقائد البطل صلاح الدين الأيوبي رحمه الله وانتهاء بالجهد المبارك الذي يقوم به أهلنا اليوم في فلسطين على قلة حيلتهم وضعف إمكاناتهم في مواجهة بطش إسرائيل وآلتها الحربية الفتاكة ومكر اليهود وتآمر الغرب معهم ودعمهم اللامحدود لظلمهم وعدوانهم.  

فمنذ أن قامت إسرائيل باحتلال القُدس عام 1967، و هي تعمل جاهدة للسيطرة عليها وتغيير هويتها ومعالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود الإسلامي فيها، وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل وقامت بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها، حيث كان الاستيطان في المدينة وفي الأراضي التابعة لها أحد أهم الوسائل لتحقيق هدف اليهود الأساسي تجاه القُدس.

وقد سعت إسرائيل خلال العقود الماضية إلى استكمال مخططاتها الاستيطانية الهادفة للسيطرة الكاملة على القُدس من خلال توسيع ما يسمى بحدود القُدس شرقا وشمالا، وذلك بضم مستوطنة معاليه أدوميم التي يقطنها حوالي 20 ألف نسمة، كمستوطنة رئيسية من الشرق، إضافة إلى المستوطنات العسكرية الصغيرة مثل “عنتوت، ميشور، أدوميم، كدار، كفعات بنيامين” من الجهة الشرقية، “وكخاف يعقوب، كفعات زئييف، كفعات حدشا، كفعات هاردار” من الشمال. مما أدى إلى مضاعفة عدد المستوطنين وفي نفس الوقت قللت نسبة السكان العرب الفلسطينيين الذين يشكلون ثلث سكان القدس أي حوالي 220 ألف نسمة بما فيها الجزء المضموم 380 ألف نسمة، مع العلم أن عدد المستوطنين في القُدس الشرقية يساوي عدد المستوطنين في الضفة الغربية كلها. ومن الجدير ذكره أن عدد المستوطنات في القُدس حسب إحصائيات مركز أبحاث الأراضي 29 مستوطنة، 14 منها في الجزء المضموم من القدس أي ما يسمى حدود القدس الشرقية، وتنتشر هذه المستوطنات في لواء القُدس على شكل تجمعات استيطانية مكثفة تتخذ الشكل الدائري حول المدينة وضواحيها ممثلة بمراكز استيطانية كبيرة المساحة. ويشار أيضا إلى أن حدود البلدية (القدس الغربية) تم بشكل رسمي توسيعها ولكنه عمليا تم الاستيلاء على 72 كم مربعا بقرارات مختلفة وبتقييد التمدد العمراني في القدس وتحويل المناطق إلى مستوطنات يهودية كما حدث مع جبل أبو غنيم.

لذلك فإن على المسلمين أن يتنبهوا للخطر المحدق بالقدس وأن يعملوا على إفشال مخططات إسرائيل بتهويد هذه المدينة المباركة.

اترك رد